أما إلقاء الشك والسخرية فيترك القارئ، وهو لا يدري كيف حقق المسلمون ذلك كله.
وعلى هذا فإن محمدا الذي يصوره أولئك المستشرقون ليس محمدا رسول الله الذي نحن على دينه: إنه رجل من صنع خيالهم وتصورهم.
وإذا كان محمد -صلى الله عليه وسلم- هو عماد تاريخ الإسلام كله، فإن تاريخ الإسلام الذي يصوره أولئك المستشرقون ليس تاريخ الإسلام.
ولكن "فييت" يختم هذا الفصل عن السيرة بعبارة للطبري في صفة الرسول -صلى الله عليه وسلم: صفته الجسمانية، أما صفاته الروحية وشمائله الخلقية فيوجزها في عبارة لا تخرج منها إلا بأنه كان سياسيا ماهرًا.
شتان بين إعجاب وإعجاب:
ويمر المؤلف مسرعا بأبي بكر وعمر دون أن يخطر بباله أن يتفكر لحظة في ملكات هذين العبقريين. الفتوح الإسلامية في نظره غزوات، ومعاهدات الصلح لا هدف لها إلا الجزية والخراج!!
ثم ينتقل إلى بني أمية ...
والفرنسيون معجبون ببني أمية ...
وسر الإعجاب أن جدهم أبا سفيان كان عدو الرسول -صلى الله عليه وسلم، واقرأ إذ أردت ما كتبه عميدهم "هنري لامانس" عن معاوية ويزيد وبعد الملك وبقية بني مروان. ونحن معجبوب ببني أمية.
ولكن شتان بين الإعجابين:
فهم معجبون بهم عن طريق الحقد، ونحن معجبون بهم عن طريق الحب:
يعجبنا حلم معاوية ورجولته وسياسته وتوحيده أمر المسلمين.
وتعجبنا عروبة عبد الملك بن مروان وإيمانه بها الذي خطا بسير التعريب خطوات حاسمة إلى الأمام.
ويعجبنا إيمان الوليد وسليمان وما تم على يديهما من فتوح ...