للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين رأي الكاتب، وهكذا نجد كثيرا من المستشرقين الذين يحملون غيرهم أعباء معارفهم الخاصة يهملون ملاحظة مبادئ أولية للمنهج العلمي في معالجة المسائل التاريخية، فهم يؤكدون مثلا أن القرآن من إنشاء محمد١, ثم يذهبون مذهبا بعيدا في تأسيس الأحكام التاريخية والعقيدية والأدبية وغيرها على هذ التأكيد وسرعان ما ترتفع هذه بمحض الشهرة إلى مرتبة الحقائق!

وربما كان هذا أحد العوامل الكبرى -إن لم يكن أكبر العوامل في خلق نزعة من التشكيك إن لم يكن العداء- لدى العلماء والمسلمين المتعلمين إزاء جهود المستشرقين ويشترك في هذا الشعور خريجو المعاهد الغربية بل وتلاميذ المستشرقين المعروفين أنفسهم!!!

لقد ذهبت الأيام التي كانت يكتب فيها المستشرقون غالب كتابتهم ليقرأها مستشرقون مثلهم! ونحن قد ننحي جانبا الدراسات الفرعية المتخصصة specialized monagraphs لنجد معظم الإنتاج الحاضر يقرأه ويقدره أعداد صخمة من الباحثين والمثقفين واسعي الأفق في الغرب، ومن هؤلاء أعداد قد تكون أضخم في العالم الإسلامي، والمسلمون الآن وقد تكررت الهجمات الجدلية والتبشيرية على عقيدتهم واستطال أمد السيطرة الغربية سياسية وثقافية على ديارهم، قد غدوا عرضة لمواجهة الأذى بصورة أشد من ذي قبل.

ولم تتوقف الآراء المنهجية المتجنية على أن تجد سبيلها إلى النشر على آية حال. ولا بد أن أصحاب هذه الآراء على بينة من أنه مما يؤذي مشاعر المسلمين أن تطرح جانبا عقيدتهم الأساسية في أن الإسلام من عند الله، وأن يعرض بصورة أو بأخرى أن محمدا قد اصطنع دعاوى كاذبة ليجعل من نفسه


١ انظر على أية حال: H. A. R. Gibb, Mohammedanism. Oxford, الذي يقرر في وضوح وجهة النظر المتعارفة لدى المسلمين قبل أن يعرض لتزيين القول بأن القرآن هو تعبير عن محمد صادر منه Mohammad's Utterances وهذا آربري A. J. Arbary أبرز مستشرقي الإنجليز الأحياء يعتبر القرآن نتاجا فوق الطبيعة Supernatural لكنه لا يشارك المسلمين الرأي أنه من مصدر إلهي. انظر: The Holy Koran ١٩٥٣-٣٢.

<<  <   >  >>