للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن من إنشاء محمد، كيف يتسنى لدارس التاريخ أن يثبت اقتباس محمد من المصادر السابقة عليه؟ إذا كانت المسألة بالتخمين فليس ثمة كسب وراء ضياع الوقت في اختيار التفاصيل، أما إذا كان الأمر خاضعا لمنهج تاريخي صارم عنيف، فإن أي شاهد يقدم جدير بالملاحظة الدقيقة. وعلى أية حال فإن أي شاهد قائم أو مستعمل لتعزيز دعوى الأصل اليهودي المسيحي لا يثبت للمراجعة والنقاش.

ولا يمكن قبول المقابلات وحدها في موضع يحتاج إلى شواهد حاسمة ذات نتائج قاطعة، وهيهات أن تكفي النتف المقتطعة والإشارات والاستدلالات المعتسفة والتخمينات الذكية في هذا المقام، فضلا عن أي مقام! ونحن نحتاج لخيال قوي جدا لمتابعة القول بأن محمدا -الذي قررت الأصول الدينية أنه لم يكن يقرأ أو يكتب كان على التخطيط الذي أنشأه المستشرقون له- قد جلس عاكفا في مكتبته يبحث كتب الأولين لينقل عنها١ لأجل تأليف الكتاب المعروف بالقرآن! قد يحمل هذا التعبير بعض المبالغة بغير شك، ولكنه يجمل ما تذهب فيه هذه الدعوى إلى التفصيل!! ٢.


١ انظر مثلا:
A. Guillaume, the Life of Mohammed, Oxford ١٩٥٦, ٨٦ a quatation from the Gospel, ٦٥٥, "an allusion to Matt, XXL, ٣٣ f. Montgomery Watt, Islam and integrantion of Society, London ١٩٦١, ٢٦٢. quatations from the bible begin ta appear in muslim works".
وكل هذه الاقتباسات قد حدثت حين لم يكن هناك ترجمة عربية للكتاب المقدس يقتبس عنها!
٢ انظر مثلا:
Rosinthal, the influence of Biblical Tradition on muslim historiography in B. Lewis, P. M. Holt "eds" Historians of the Middle East, Oxford ١٩٦٢.
وبينما يتابع روزنتال القول بأن القرآن من إنشاء محمد، وأنه استمد الأجزاء التاريخية على الأقل من مصدر يهودي مسيحي متأخر نراه أكثر دقة من الباحثين الذاهبين هذا المذهب، فهو يبدي إحساسا تاريخيا حين يستخدم كلمة "متأخر" Altimate كما يبدي حيادا عقليا بالتحذير من إلقاء القول على عواهنه Speculation والآراء المسبقة Preconceived ولكنه ينزل مستسلما لتأثير الإيحاء نفسه فيتقبل فروضا لا يقوم عليها دليل "انظر Gerpessins pp. ٤٥-٦". وربما كان ناشرو هذه المجموعة القيمة من المقالات أكثر دقة في هذا الصدد, فقد قرروا في مقدمتهم "pp. ٢.١١" أن الشرق الأوسط "شهد مولد ثلاث ديانات كبرى للبشرية اليهودية وخليفتيها المسيحية والإسلام" وسوف نأتي فيما بعد تحت رقم "٣" مناقشة لهذه النقطة فيما أبدي من الملاحظات.

<<  <   >  >>