للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحقيقة أصله, ذلك التأثير التاريخي للتراث الديني اليهودي المسيحي"١.

وهنا تؤخذ مسألة "الأصول" كحقيقة مقررة ويشار إليها على هذا النحو دون تمحيص أو مناقشة٢. وإذا ما استعرنا أسلوب النص ربما قلنا: إن على الكاتب أن يقر بأنه لم يصب على أي وجه من الوجهين: عندما اعتبر محمد نبيا صادقا ثم عزا إليه التلاعب، ما دام وهو الذي يفترض أنه مؤلف القرآن لم يعترف بما اكتسبه من أفكار الآخرين!

إن هذا الازدواج يرجع للتناقض مع النفس، وهو غير مقنع في أي من وجهتي النظر في المسألة؛ لأنه لا يؤيد إحدى الوجهتين كاملة ولا ينقض الأخرى تماما والمسلم المؤمن سيظل على موقفه، كما سيبقى هذا المجادل على موقفه, أما الكاتب الذي درب على معالجة التاريخ فهو لا يحاول أن يركب جوادين في وقت واحد. وقد تكون هذه المحاولة للتوفيق جديدة بالتقدير، ولكن نتيجة المحاولة المخيبة لآمال كل من المؤيد للعقيدة والمعارض لها على السواء، كما أنها لا تلقى ترحيبا من المؤرخ المحايد الذي يفتقد الأدوات اللازمة للتحليل. والحق أنه على الرغم من التقدم في كتابة التاريخ العلمي، فإن هؤلاء "الازدواجيين dualists" في الدراسات الإسلامية قد أسهموا بجهود قد تكون متميزة في ذاتها، ولكنها تدل على إدراك أقل مما كان لدى المتطرفين السابقين من مؤمنين ومجادلين، والذي يحاول اللاحقون جاهدين عن وعي أو غير وعي أن يشغلوا أماكنهم ويحلوا محلهم.

-٣-

من الواضح أن الفارق بين معنى الإسلام لدى معتنقيه وصورته التي يرسمها له المستشرقون تمس أسس العقيدة الإسلامية ذاتها، وعلى الرغم من أن التقدم نحو البحث الأكاديمي ليس محل جدل، فإن من الواضح في هذا الصدد أن صورة العصور الوسطى للإسلام قد ظلت في جوهرها دون


١ W. M. Matt, Islam and the Integration of Society London ١٩٦١, ٢٩٣.
٢ انظر مثلا B. Lewis, the Arabs in History London ١٩٦٠.
وهو في هذا الكتاب الموجز غير الموثق يستعمل لغة أكثر حذرا حين يقول ص٣٩ "وعلى وجه الاحتمال من التجار والرحالة اليهود والنصارى الذين تأثرت معارفهم بمؤثرات مدار شبه أو مشكوك في صحتها".

<<  <   >  >>