للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تغيير، وإنما نضت عنها الثياب القديمة لأجل أن تضع ثيابا أقرب إلى العصر، وتتعدد علائم الأصرار على الأفكار العتيقة سواء فيما يتعلق بالقرآن ومحمد، أو ما تعلق منطقيا بالعقيدة والشريعة والتاريخ في الإسلام، وليس الإطناب أكثر من ذلك في هذا الأمر بمرغوب أو مفيد، وإنما نعمد إلى تقدير الموضوع من زاوية أخرى.

لقد كان من نتائج التوغل الغربي في ديار الإسلام، أن تعرض عقل الشباب لمجادلات مضللة عن طريق التعليم المدني أو الجهود التبشيرية إلى حد كبير، وهي مجادلات سبق أن صيغت لتوافق من تقوضت العقيدة المسيحية في صدورهم تماما في أوروبا الغربية. ولكن على العكس من أسلوب الجدل الوسيط، كان للمنهج الجديد هدف إيجابي، وخاصة بالنسبة للمبشر، هو التحويل للمسيحية، وهذه الطريقة في أبسط صورها هي طريقة "مقارنة الديانات" Comparative Religion" التي تحاول أن تقارن المسيحية بالإسلام، لغير صالح الأخير في الغالب الأعم!! وما زال هذا الأسلوب قائما في أيامنا، وإن كان لا يصرح الآن بمقاصده الإنجيلية الصريحة.

وهنا يكون الأمر أيضا أكثر دلالة إذا قدمنا أمثلة صريحة، ولكن يمكن أن نقرر أولا بعض مبادئ عامة، لقد كان منشأ دراسات مقارنات الأديان في الغرب يرتبط بالجدل، ولقد سبق أن قورنت اليهودية بالمسيحية، وبدلا من أن تؤدي المقارنة إلى تنمية الفهم الصحيح، فإنها قد ولدت مزيدا من العداء. وهكذا كانت النتيجة بالنسبة لمقارنة اليهودية والمسيحية بالإسلام عن طريق اليهودية, والمسيحيين الذين اعتنقوا القول بأن الإسلام ثمرة لإحدى الديانتين السماويتين السابقتين عليه أو ثمرة لهما معا، وبينما نجد هناك علاقات اتصال عضوي organic relationship مسلم به بين اليهودية والمسيحية، فإنه ليس من المسلم به أو المدعم بالبرهان العلمي وجود أي علاقة اتصال بين أيهما وبين الإسلام، وإنما نجم العداء اليهودي أو المسيحي للإسلام من صراع سياسي وعقائدي على مدار التاريخ! وإنه لتعليق مؤسف بالنسبة للحكمة الجامعة لدى هؤلاء العلماء من أتباع هذه الديانات. أن يذكر أنهم لم ينجحوا قط في إزالة أسباب العداء والخصام المتبادلين، ولا بد أن يتقبل المستشرقون نصيبا من المسئولية عن استدامة هذه الحال المحزنة للأمور.

ولذلك فإنه ما لم تحدد أهداف مقارنة الأديان في المجال الإسلامي بوضوح وما لم تقبل قواعد معينة لمنهج المقارنة من العاملين فيها، فإن هناك

<<  <   >  >>