للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخاطرة بأن تتمخض المقارنة عن مجادلة جوفاء! وقد يدعى هنا أن الراغبين في القيام بهذه الأبحاث لا يضمون جوانحهم على مقاصد جدلية أو تبشيرية، وأن اهتمامهم الرئيسي هو اهتمام أكاديمي، وإذا كان ذلك كذلك، فإنهم لا بد أن يتبينوا أن المقارنة تتطلب التسامح والتجاوب والتقدير ممن يضطلع بها، إذ يكون الهدف الرئيسي هو تعميق إدراك المرء لثقافته القومية -أو تراثه وتقاليده Tradition وللثقافة الأخرى- أو التراث والتقاليد التي تجري المقارنة معها. ومثل هذا الفهم من شأنه أن يربي اتجاها نقديا لا بالنسبة لثقافة الغير -أو تراثه وتقاليده، بل بالنسبة لثقافة الباحث نفسها- أو تراثه وتقاليده.

وعلى ذلك فإن أي مسألة تدرس دراسة مقارنة لا بد أن تقرر بالتعبير المقبول لدى هؤلاء الذين استمدت هذه المسألة من تراثهم وتقاليدهم وديانتهم بالنسبة لموضوعنا، ولا بد أن يوصل بين سائر الظروف المحيطة بها، ويحكم عليها طبقا للقيم السائدة في النظام القومي الذي تنتمي إليه. وإذا ما نالت هذه المبادئ الأولية القبول فإن أي كاتب يستشعر عداوة أو نفورا، أو مجرد الإعراض عن تراث غريب عليه يجب أن يعترض صفرا, وعليه أن يعتبر نفسه في أمانة غير صالح عقليا وعاطفيا لمحاولة المقارنة التي لن تثمر نفعا ملموسا للبحث العلمي في هذه الحالة.

وبينما لا نجد أحد لحسن الحظ من المستشرقين الناطقين بالإنجليزية المعاصرين يبدي مثل هذه الضغينة، وهذا الحقد بصورة معيبة, مثل ما تجد في مؤلف لامنس Lammens المعروف إلا أنه قد ندت ممن حاول المقارنة منهم هنا أو هناك تحاملات دينية أو عقائدية، من شأنها أن تنتقص من قيمة جهودهم وتهز الثقة في أبحاثهم.

وإن النظرة الأولى للإسلام تكشف عن مواضع شُبه بينه وبين المسيحية، ولكن النظرة الفاحصة عن قرب تبرز خلافات أساسية، وهذه الحقيقة كانت غالبا ما تثير المبشرين في الماضي, وما زالت تستميل قليلا في المجال الأكاديمي إلى التحايل على تصيد مثل هذه الشوارد "كأصول الإسلام" وينزع المبشر والباحث الأكاديمي إلى أن يتناسى، وهو ينال من قدرة محمد بطريق مباشر أو غير مباشر، كيف يقدس المسلمون الأتقياء المسيح!

وفي كتاب قريب من سلسلة بنجوين Penguin عمل مستشرق هو قسيس إنجليكاني على عقد عدة مقارنات، ليظهر أن الإسلام كان في صدق

<<  <   >  >>