للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما "جمال الدين" ... فبجانب وقوفه على عيوب الحياة الإسلامية، رأى رؤية مباشرة لونا إيجابيا من الحياة، خاليا من كثير من هذه العيوب والنقائض.

ارتحل أولا في بلاد الهند، ومصر، والحجاز، وإيران، والعراق، واستانبول من بلاد الشرق، وارتحل ثانيا إلى لندن، وباريس، وميونيخ في ألمانيا، وبطرسبرج في روسيا من بلاد الغرب.

ورحلته هنا وهناك، كشفت له: عن ضعف في جانب، وقوة في جانب آخر، واستكانة في جانب وتحفز في جانب آخر! وكشفت له عن أن هذا التحفز من الجانب الآخر، إنما هو ليلتهم هذا الجانب المستكين وليذله، وليبدل وضعه في التاريخ!

ومعرفة جمال الدين بالإسلام, ثم وقوفه على المسيحية, أراه أن الإسلام في نفسه أداة قوة ومنعة وعزة وسطوة, بينما مسيحية الغربيين وسيلة للضعف والاستكانة!!

ولذا يقول:

" ... وبعد، فموضوع بحثنا الآن: الملة المسيحية الإسلامية، وهو بحث طويل الذيل، وإنما نأتي فيه على إجمال ينبئك عن تفصيل ...

"إن الديانة المسيحية بنيت على المسالمة والمياسرة في كل شيء، وجاءت برفع القصاص وإطراح الملك والسلطة، ونبذ الدنيا وبهرجها، ووعظت بوجوب الخضوع لكل سلطان يحكم المتدينين بها، وترك أموال السلاطين للسلاطين، والابتعاد عن المنازعات الشخصية والجنسية، بل والدينية! ومن وصايا الإنجيل من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر, ومن أخباره: أن الملوك إنما ولايتهم على الأجساد وهي فانية، والولاية الحقيقية الباقية على الأرواح هي لله وحده!

"والديانة الإسلامية وضع أساسها على طلب الغلب والشوكة، والافتتاح والعزة، ورفض كل قانون يخالف شريعتها، ونبذ كل سلطة لا يكون القائم بها صاحب الولاية على تنفيذ أحكامها، فالناظر في أصول هذه الديانة، ومن يقرأ سورة من كتابها المنزل يحكم حكما لا ريب فيه بأن المعتقدين بها لا بد أن يكونوا أول ملة حربية في العالم، وأن يسبقوا جميع

<<  <   >  >>