للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يرغب في اعطاء الشعب دستورًا يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكومين، يأتي نقده لمصلحة الشعب، فتبدو عليه مسحة العمل السياسي ... ولكن هذا النقد أسس على الإسلام وعلى مبادئه التي تصون هذه المقدسات: حرية الشعب، وسيادته، ووضع الحاكم منه وضع المنفذ لمشيئته، لا وضع السيد صاحب السيادة المطلقة عليه.

- يدعو إلى الترابط الوثيق بين المسلمين وغير المسلمين في الأوطان الإسلامية وإلى عدم التمييز بين مسلم وغير مسلم، فتبدو دعوته هذه في مظهر "الشرقية" أو "الوطنية" تبدو سياسية، ولذلك يميل بعض المؤرخين لجمال الدين إلى أن يسمي حركته هذه بـ"الحركة الشرقية". ولكن هو في دعوته هذه مسلم، وعمله عمل إسلامي؛ لأنه يستند إلى الإسلام في تاريخ الفتوح، وفي تعاليمه في الصلة بين المسلم وغيره، سواء في مكان واحد، أو مكانين مختلفين.

- يدعو إلى نبذ الخصومة بين الشيعة والسنة، ليؤلف بين سلطتين قويتين في رقعة العالم الإسلامي إذ ذاك: بين سلطة إيران وسلطة القسطنطينية، بعد ذهاب دولة الهند الإسلامية، فيبدو لذلك سياسيا أو وسيطا في مجال السياسة، ولكنه هو يدعو بدعوة الإسلام في ذلك.

- يحارب المذهب الطبيعي -الدهري- الذي انتشر في الهند ١٨٩٧م، والذي قال فيه: أنه سيفرق المسلمين هناك إلى طائفتين: طائفة القديم وطائفة الجديد، طائفة أصحاب الطاعة والولاء للحاكم المستعمر، والطائفة الأخرى المناوئة المقاومة لنفوذه وولايته، كما سيفرق بين مسلمي الهند من جانب والخلافة العثمانية من جانب آخر، فيظهر مرة أخرى في دعوته هذه بمظهر الرجل الذي يريد أن يحافظ على وحدة الإمبراطورية الإسلامية الجغرافية، ولكنه في هذا الرد يقاوم الإلحاد الديني بصفة عامة، ويوضح ضرورة الدين للمجتمع الإنساني، أي دين. ثم يذكر مزايا الإسلام، التي تكفل للإنسان متعة في هذه الحياة أرفع بكثير من تلك المتعة التي يهيؤها له اعتناق المذهب الطبيعي "المادي أو الدهري". فهو في هذا مسلم، وعمله عمل إسلامي كذلك١.

ويعنينا الآن بالذات مقاومته للفكر الإسلامي الذي قام لخدمة الاستعمار.


١ راجع مجموعة العروة الوثقى: ص٤٧١-٤٧٧.

<<  <   >  >>