للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- حتى جاء جمال الدين الأفغاني فأعاد ميزان الكفاح مرة ثانية نحو مقاومة الاعتداء الخارجي، وهو اعتداء ظهر في ثوب سياسي، فبدت لذلك حركة جمال الدين سياسية أكثر منها دينية، مع أنها قامت على الإسلام، واستندت إليه في خطواتها، وفي تحديد غايتها.

وهكذا كان لموضوع الكفاح أثر في تلوين الكفاح نفسه.

- على أيام المعتزلة كان الكفاح الإسلامي كفاحا دينيا، أو "كلاميا".

- وعلى أيام الفلسفة الإغريقية كان كفاحا فكريا، أو فلسفيا.

- وعلى أيام ابن تيمية كان كفاحًا ضد الصليبيين أو التتار.

- وعلى أيام ابن عبد الوهاب كان كفاحا ضد البدعة والخرافة.

- وعلى عهد جمال الدين الأفغاني كان كفاحا سياسيا ضد الاستعمار الغربي.

وفي كل حركة من هذه الحركات كان الدين أساسا أوليا، وفي الوقت نفسه كان هدفا أخيرا وغاية مطلوبة.

حركة "جمال الدين الأفغاني" في مظهرها حركة سياسية، وفي جوهرها حركة إسلامية.

- كان جمال الدين يتحدث عن "وحدة المسلمين" مرة، وعن "حكومات إسلامية مستقلة يرتبط بعضها ببعض في "شبه اتحاد" مرة آخرى.

ومع ذلك فالشيء الذي لم يتغير عنده هو الدعوة إلى الأخذ بتعاليم الإسلام، سواء في قيام الحكومة الواحدة أو في ارتباط الحكومات المختلفة.

- يتحدث عن أخذ ما عند الغرب من حضارة ومدنية وعلم.. ولكن على أساس أن يكون ذلك في تلاؤم مع الإسلام؛ أو لأن الإسلام يدعو إليه.

- ويتحدث عن مقاومة الاستعمار الغربي وبالأخص عن مقاومة الاستعمار الإنجليزي، ولكنه في حديثه عن ذلك يتكئ على الإسلام، ويطلب تحقيق تعاليمه.

- ينقد سلطان الآستانة وشاه إيران وخديوي مصر؛ لأن كل واحد من هؤلاء لا يرغب في إعطاء الشعب حريته في الرأي والقول والمشورة،

<<  <   >  >>