مخالفة واضحة صريحة، كما سبق أن أشير إلى ذلك. ومع ذلك يجب أن تستمر مساعدته ومساندته، إذ مهما كان من أثر فسيجذب بعض تفكير المسلمين المعارضين إلى بحث قضايا دينية، وسيثير عندهم جدلا، وسيأخذ من وقتهم ما يخف به ضغطهم ضد الاستعمار, وتضعف به يقظتهم لأسلوب آخر يستخدمه الاستعمار في تأمين نفسه، ولن يكون آمنا على نفسه إلا عندما ينقسم المسلمون إلى شيع يجادل بعضها بعضا، وإلا عندما تضعف القيم الإسلامية في نفوسهم.
لهذا عاد الاستعمار من جديد فشجع اتجاه السيد "أحمد خان" وهو اتجاه "التجديد" في الإسلام، ومحاولة الملائمة بين تعاليم الإسلام وقوانين "العلم" أو الطبيعة.
وهنا -منذ انتهاء القرن التاسع عشر- برزت نزعة التجديد في التفكير الإسلامي وتحديد غايتها في وضوح:
- في محاولة الملائمة بين العلم والدين.
- وفي اعادة امتحان أسس العقيدة واختبارها، في ضوء الفكر الغربي الحديث.
وظهر في مصر مجددون.
وفي الهند، وفي إيران، وفي تركيا.. ظهر مجددون آخرون!!
وفي الوقت الذي كانت عوامل الاستعمار الغربي تعين على دفع حركة التجديد في هذه الخطوات في سيرها نحو تقريب الفكر الغربي للعقلية الإسلامية على حساب التعاليم الإسلامية الأصيلة، بدعوى الملائمة بينهما، وبدعوى أن الفكر الغربي الحديث أثبتت الحضارة الغربية قيمته ووزنه في الحياة، فلكي يعيش الإسلام أو لكي يبرهن الإسلام على وجود نفسه أو صحته: يجب أن يسير في اتجاهه ويختبر نفسه بموازينه.
في هذا الوقت نفسه، كانت عوامل الاستعمار نفسها تضغط على الثقافة الإسلامية، وعلى المظاهر الإسلامية بين الشعوب الإسلامية، بدعوى أن التشدد فيها نكسة ورجعية، وأن التزام مجاراتها يبعد الإنسان الحديث عن أن يعيش في الحياة الحديثة! وقد ربط الاستعمار في التدليل على ذلك بين حال المسلمين إذ ذاك -وهي حال متأخرة- هزيلة. وبين ما سماه التمسك بالإسلام أي: إن تلك الحال المتأخرة هي نتيجة التمسك بالإسلام.