أهو إسلام القرآن. أم إسلام البدع وإسلام التعصب للمذاهب؟
وتولى أعوان الاستعمار في الأجهزة المشرفة على التعليم والتوجيه الرسمي القيام بهذه الرسالة: وهي الضغط على الثقافة الإسلامية في برامج المدارس وفي الوظائف الحكومية، وفي حياة المجتمعات الإسلامية. وهكذا وجد في الهند، وأندونيسيا، والجزائر، "دانلوب" آخر، على نحو "دانلوب" مصر!. ووجد ازدواج في التعليم: أحدهما مدني والآخر ديني. والمدني هو التعليم التقدمي، والديني هو التعليم الرجعي!! وصاحب الثقافة المدنية هو الأجدر لذلك بوظائف الحكومة، أما صاحب الثقافة الدينية فهو نفسه لا يصلح للحياة في نظر هذا المنطق، فضلا عن أن ينتظر منه أن يساهم في دفع الحياة إلى الأمام!
والأزهريون في مصر، والمتخرجون في مدرسة دار العلوم "بديوبند" بالهند وفي جامع الزيتونة بتونس، وجام القرويين بالمغرب، يحملون صفة التخلف عن ركب الحياة لا لشيء إلا أنهم حملة الثقافة الإسلامية ودعاة الفكر الإسلامي المناوئ للاستعمار، وانقسمت الجماعة الإسلامية بذلك في كل قطر إسلامي إلى جماعتين، كل منهما تحمل الحقد والكراهية للأخرى، والاستخفاف في التقدير، وسوء الفهم في المعاملة!!
- وظهر في أصحاب الثقافة المدنية، أي: اللادينية واللاإسلامية: فريق دعاة التجديد.
- بينما قام من أصحاب الثقافة الإسلامية: نفر -قليل- يدعو إلى "الإصلاح الديني" وإلى تمجيد القيم الدينية، كما يدعو زملاءه في الثقافة إلى تحصيل المعارف الحديثة، لا حرصا على المساهمة في هذه الحياة القائمة؛ ولكن لأن الإسلام نفسه يدعو إلى العلم والحضارة، كما يدعو إلى القيم والفضائل الإنسانية!
ومن هنا وجدنا الشيخ "محمد عبده" في مصر يدعو إلى إصلاح الأزهر، ويربط بين إصلاحه وإصلاح حال المسلمين، وفهم رسالة الإسلام على حقيقتها. وأخيرا يربط بين هذا الإصلاح من جانب، ومقاومة الاستعمار الغربي وسيادة الأمة الإسلامية على نفسها من نفسها من جانب آخر.