للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودعوة الشيخ "محمد عبده" لإصلاح الأزهر صادفتها دعمة مماثلة في الجزائر عن طريق "جمعية العلماء"، التي حرصت كل الحرص على تحويل أكبر عدد ممكن من المدارس الأولية في القرى إلى مجال تحفيظ القرآن الكريم، إبقاء على اللغة العربية وعلى الروح الإسلامية والشعور بالإخاء الإسلامي. ذلك الذي بدا أثره واضحا اليوم في الكفاح الدموي بين مسلمي الجزائر والاستعمار الغربي، ولم يؤثر قرن وربع قرن من الزمان على تلك الروح!! وفات على المستعمر مقصده الذي طالما سعى لتحقيقه المستمر بمحاربة اللغة العربية، ومنعها من التداول، إلا في نطاق ضيق، وكذا بتشويه الإسلام عن طريق الإرساليات التبشيرية، وما يسميه بالبحوث العلمانية، وبحوث المستشرقين، أصحاب المشورة والرأي في توجيه السياسة الاستعمارية في الشرق الإسلامي.

وعلى غرار دعوة الشيخ "محمد عبده" في مصر قامت دعوة أخرى في الهند، سواء في مدارس "أهل الحديث" هناك، أو في مدرسة "دار العلوم" بديوبند.

ولم يفت الاستعمار الغربي مع ذلك أن يبشر بفكرة جديدة تبدو بعيدة عن الإسلام وتعاليمه، ولكنها متصلة به اتصالا وثيقا. فإن نجحت هذه الفكرة كانت وسيلة أخرى لفصم المسلم عن إسلامه أو إضعاف اعتقاده به، وإن لم تنجح فقد خلقت جوا من التوتر بين المسلمين، وبالتالي أحدثت اهتزازا لماضي المسلمين!!

من ذلك: فكرة كتابة العربية بالحروف اللاتينية كما فعلت تركيا.

وفكرة نشر "الثقافة الخفيفة".

وفكرة اللغة العامية في أسلوب الكتابة وفي أحاديث الإذاعة وفي مقالات الصحف.

كل ذلك بدعوى أن ذلك يجاري الواقع من جهة، أو يدعو إلى تخفيف الانفصالية بين الشرق والغرب من جهة أخرى!!

وكل هذه الأفكار تقوم على وضع حجاب كثيف بين ماضي الشعوب الإسلامية -في تاريخها وإسلامها وكفاحها وبطولتها- وبين حاضر هذه الشعوب، حتى لا تستطيع أن تستند إلى ذلك الماضي يوم أن يعتدى عليها أو تسلب حقوقها.

<<  <   >  >>