للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عمر بن عبد البر: "الوثن: الصنم، وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال، وكل ما يُعبد من دون الله فهو وثن، صنمًا كان أو غير صنم، وكان العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها فخشي رسول الله على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم، كان إذا مات نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم، فقال : "اللهم لا تجعل قبرى وثنا يُعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (١).

وكان رسول الله يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان رسول الله يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم، وكان يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته أتباعهم" (٢). والعيد إذا جعل اسما للمكان: فهو المكان الذي يقصد للاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده، أو لغير العبادة (٣).

وقد استجاب الله دعوة نبيه فلم يتخذ قبره - ولله الحمد والمنة - عيدا ولا وثنا كما اتخذ قبر غيره بل ولا يتمكن أحد من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة. وقبل ذلك ما كانوا يمكنون أحدا من أن يدخل إليه ليدعو عنده ولا يصلي عنده، ولا غير ذلك مما يفعل عند قبر غيره.

ولكن من الجهال من يصلي إلى حجرته، أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه، وهذا إنما يفعل خارجا عن حجرته لا عند قبره.


= الطبقات (٢/ ٢٤١) وابن أبي شيبة (٣/ ٣٤٥). قال الشيخ ربيع المدخلي: "فهو معضل عند هؤلاء، لكنه جاء موصولًا عن أبي هريرة … " انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص ٣٤)، وقد تقدم تخريج حديث أبي هريرة.
(١) سبق تخريجه (ص ١٤١).
(٢) التمهيد (٥/ ٤٥).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٢٤).

<<  <   >  >>