وإلا فهو ولله الحمد استجاب الله دعوته فلم يمكن أحد قط أن يدخل إلى قبره فيصلي عنده أو يدعو أو يشرك به كما فعل بغيره اتخذ قبره وثنًا، فإنه في حياة عائشة ﵂ ما كان أحد يدخل إلا لأجلها، ولم تمكِّن أحدا أن يفعل عند قبره شيئا مما نهي عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبني عليها حائط آخر.
كل ذلك صيانة له ﷺ أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا.
وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون، ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم، وكلهم معظمون للرسول ﷺ، وقبور آحاد أمته في البلاد معظمة.
فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم، بل فعلوه لئلا يتخذ وثنا يعبد، ولا يتخذ بيته عيدا.
ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم.
والقبر المكرم في الحجرة إنما عليه بطحاء - وهو الرمل الغليظ - ليس عليه حجارة ولا خشب، ولا هو مطين كما فعل بقبور غيره.
وهو ﷺ إنه نهى عن ذلك سدا للذريعة، كما نهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، لئلا يفضي ذلك إلى الشرك.
ودعا الله أن لا يتخذ قبره وثنًا يعبد، فاستجاب الله دعاءه ﷺ، فلم يكن مثل الذين اتخذت قبورهم مساجد فإن أحدا لا يدخل إلى قبره ألبتة، فإن من كان قبله من الأنبياء إذا ابتدع أممهم بدعة بعث الله نبيا ينهي عنها.
وهو ﷺ خاتم الأنبياء لا نبي بعده، فعصم الله أمته أن تجتمع على ضلالة، وعصم قبره المكرم أن يتخذ وثنا، فإن ذلك والعياذ بالله لو فعل لم يكن بعده نبي ينهى عن ذلك، وكان الذين يفعلون ذلك قد غلبوا الأمة، وهو ﷺ قد أخبر أنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى يوم القيامة، فلم يكن لأهل البدع سبيل أن يفعلوا بقبره المكرم كما فُعل بقبور غيره ﷺ.