للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الصحابة رضوان الله عليهم خير قرون هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس.

وهم تلقوا الدين عن النبي بلا واسطة، ففهموا من مقاصده وعاينوا من أفعاله وسمعوا منه شفاهًا ما لم يحصل لمن بعدهم …

ولهذا لم يطمع الشيطان أن ينال منهم من الإضلال والإغواء ما ناله ممن بعدهم من أهل البدع. فلم يكن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم يأتيه فيسأله عند القبر عن بعض ما تنازعوا فيه وأشكل عليهم من العلم، لا خلفاؤه الأربعة ولا غيرهم، مع أنهم أخص الناس به .

والمقصود هنا أن الصحابة رضوان الله عليهم تركوا البدع المتعلقة بالقبور كقبره المكرم وقبر غيره، لنهيه لهم عن ذلك، ولئلا يتشبهوا بأهل الكتاب الذين اتخذوا قبور أنبيائهم أوثانًا.

والصحابة رضوان الله عليهم خير القرون وأفضل الخلق بعد الأنبياء بل إن خير الناس بعدهم أتبعهم لهم.

قال عبد الله بن مسعود : "من كان منكم مستنًا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علمًا وأقلها تكلُّفًا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا علي الهدي المستقيم" (١).

"ثم إن أفضل التابعين من أهل بيته على بن الحسين (٢) نهي


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٨٧ - ٣٩٥) (بتصرف).
(٢) هو: علي بن الحسين بن علي بن أبي طاب الهاشمي: المدني زين العابدين، من أجلِّ التابعين علما ودينا، حتى قال عنه الزهري: ما رأيت هاشميا مثله وكان ثقة، مأمونا، كثير الحديث عاليًا رفيعًا ورعا، توفي سنة ٤٩ هـ. سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٨٦ - ٤٠١).

<<  <   >  >>