للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال فيه أيضًا: لا بأس لمن قدم من سفر أن يقف على قبر النبي ، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر.

فقيل له: فإن ناسًا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمران أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة؟

فقال: "لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده" (١).

وقد ذكر الإمام مالك في موطئه فعل عبد الله بن عمر وأنه كان يأتي فيقول: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت"، ثم ينصرف.

وفي رواية: كان إذا قدم من سفر. رواه معمر عن نافع عنه.

وعلى هذا اعتمد مالك فيما يُفعل عند الحجرة إذ لم يكن عنده إلا أثر ابن عمر .

وأما ما زاد على ذلك مثل الوقوف للدعاء للنبي وكثرة التردد على القبر للصلاة والسلام عليه فقد كرهه مالك، وقال هو بدعة لم يفعلها السلف ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها (٢).

وقد تقدم ذكر نص كلامه وإذا كان مالك يكره أن يطل الرجل الوقوف عنده للدعاء فكيف بمن لا يقصد لا السلام ولا الدعاء له، وإنما يقصد دعاءه وطلب حوائجه منه، ويرفع صوته عنده فيؤذي الرسول، ويشرك بالله ويظلم نفسه؟ (٣)


(١) الشفا (٢/ ٦٧٥، ٦٧٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٨٤).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>