للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كره الإمام مالك أن يقول القائل: زرت قبر النبي . كره هذا اللفظل أن السنة لم تأت به في قبره (١).

وقد ذكروا في تعليل ذلك وجوهًا، ورخص غيره في هذا اللفظ للأحاديث العامة في زيارة القبور.

ومالك يستحب ما يستحبه سائر العلماء من السفر إلى المدينة والصلاة في مسجده. وكذلك السلام عليه وعلى صاحبيه عند قبورهم اتباعًا لابن عمر.

ومالك من أعلم الناس بهذا لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك، ويكره أن يبتدع أحد هناك بدعة.

فكره أن يطل الرجل القيام والدعاء عند قبر النبي ؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم ما كانوا يفعلون ذلك.

وكره الإمام مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.

وقال رحمة الله عليه: "ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" (٢). وقد صرح مالك وغيره: بأن من نذر السفر إلى المدينة النبوية إن كان مقصوده الصلاة في مسجد رسول الله وفى بنذره وإن كان مقصوده مجرد زيارة القبر من غير صلاة في المسجد لم يف بنذره، لأن النبي قال: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد" (٣) والمسألة ذكرها القاضي إسماعيل بن إسحاق في "المبسوط" (٤).


(١) فالسُّنَّة إنما وردت بزيارة مسجده والصلاة فيه.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٨٦).
(٣) سيأتي تخريجه (ص ١٦٨).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٣٣٤). والإمام مالك نظر إلى قصد المسافر ونيته ومسمى الزيارة في لغته، فقد يكون السائل من عُرفه أن لفظ زيارة قبر النبي =

<<  <   >  >>