للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنن والمسند (عند قبري) مع أن الذين احتجوا بهذا الديث قالوا إن هذا هو المراد، ولم يرد على كل مسلم عليه في شرق الأرض وغربها مع أن المعنى؛ أي أنه يرد على كل مسلم في شرق الأرض وغربها إن كان هو المراد بطل الاستدلال بالحديث من كل وجه على اختصاص تلك البقعة بالسلام.

وإن كان المراد بالسلام في الديث هو السلام عليه عند قبره كما فهمه عامة العلماء، فهل يدخل فيه من سلم من خارج الحجرة؟

فهذا مما تنازع فيه الناس، وقد توزعوا في دلالته.

فمن الناس من يقول هذا إنما يتناول من سلم عليه عند قبره كما كانوا يدخلون الحجرة في زمن عائشة فيسلمون على النبي فكان يرد عليهم فأولئك سلموا عليه عند قبره وكان يرد عليهم (١).

وهذا السلام عليه عند قبره كان مشروعًا لما كان ممكنًا بدخول من يدخل على عائشة .

وقالوا: فأما من كان في المسجد فهؤلاء لم يسلموا عليه عند قبره بل سلامهم عليه كالسلام عليه إذا دخل المسلم المسجد وخرج منه.

والذين استدلوا بهذا الحديث على اختصاص تلك البقعة بالسلام جعلوه متناولا لمن سلم عليه من داخل الحجرة أو من خارجها.

وقد اعترض على من احتج بهذا الحديث: "ما من أحد يسلم عليَّ


= احتمال لفظه فإن قوله: "ما من أحد يسلم علي" يحتمل أن يكون المراد به عند قبره ما فهمه جماعة من الأئمة، ويحتمل أن يكون معناه على العموم وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد وهذا هو ظاهر الحديث وهو الموافق للأحاديث المشهورة. [الرد على البسكي (ص ٢٥٩)].
(١) هذا على قول من خصَّ الحديث على السلام القريب وقالوا: إنما هو فيمن سلم عليه من قريب، والقريب أن يكون في بيته، فإن لم يحد بذلك لم يبق له حد محدود من جهة الشرع. [الرد على الأخنائي (ص ١٧٠)].

<<  <   >  >>