للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وكثير منهم يجمع بين القولين؛ ففي حال نظره وبحثه يقول بسلب الوصفين المتقابلين كليهما، فيقول: لا هو داخل العالم ولا خارجه، وفي حال تعبده وتألهه يقول: بأنه في كل مكان لا يخلو منه شئ)) (١) .

وقال أيضاً: ((وجماع الأمر في ذلك أن الكتاب والسنة يحصل منهما كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه، وقصد اتباع الحق، وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله وآياته.

ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً ألبتة؛ مثل أن يقول قائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله س وهو معكم أينما كنتم ش.

وقوله ش: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه)) (٢) ونحو ذلك فإن هذا غلط.

وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة، كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه س هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ش (٣) .

فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا، كما قال النبي ش في حديث الأوعال: ((والله فوق العرش ويعلم ما أنتم عليه)) (٤) (٥) .


(١) نقض تأسيس الجهمية ١/٧.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٢٣٨ كتاب العمل في الصلاة باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة رقم ١٢١٣ (ط دار السلام) .
ومسلم في صحيحه ٥/٣٨ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن البصاق في المسجدفي الصلاة وغيرها.
(٣) الحديد ٤.
(٤) تقدم تخريجه قريبا.
(٥) انظر مختصر الصواعق ٢/٢٦٦-٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>