للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ قولهم لو كان المحرم غيرهما لكان النبي (وهو أبلغ الناس لا يخص شيئا دون شيء، يجاب عليه بأن هذا من بلاغة الرسول (، فقد اكتفى بالتنبيه على أهم أنواع الاستعمال؛ لأن غيرها مقيس عليها، ولو ذكر أنواعا من الاستعمال غيرها مثل لا تتوضأوا، ولا تتطيبوا، ولا تكتحلوا، لكان هذا غير ممكن، وغير محقق للمراد؛ لأن صور الاستعمال لا تنحصر، ولو انحصرت في عصره (فإنها لن تنحصر في العصور الأخرى؛ لأن أساليب الاستعمال تتعدد، وتتنوع من عصر إلى آخر، وبالتالي لا يتحقق المراد من قصد النهي عن عموم الاستعمال، ولأن تعداد أنواع الاستعمال الأخرى كما مثلنا سيتيح للمعارض الحجة بأن النص على النهي عن الوضوء يدل على جواز الاغتسال، والنهي عن التطيب يدل على جواز الادهان من آنية الذهب والفضة، فكان من مقتضى بلاغته (أن ينص على الأكل والشرب، وهذا فيه تنبيه كاف على النهي عن سائر الاستعمالات؛ لأنه ليس الشأن في ألفاظ الشارع أن تستقصي الجزئيات، وإنما آحاد الصور تطبق عليها الأحكام والألفاظ العامة. ولو أُخذ بهذا المبدأ وهو قصر الحكم على ما نص عليه الحديث، وعدم تعديته إلى ما يماثله لعُطلت كثير من الأحكام، فأحاديث الربا نصت على الأصناف الستة. لكن جماهير الفقهاء عللوا الربا، وعدوا الحكم إلى غيرها مما وجدت فيه العلة. وأنتم تقولون بالربا في غير الأصناف الستة. فكيف تعدون ما نص علية في الربا، ولا تعدون ما نص عليه في استعمال آنية الذهب والفضة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>