للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد عرض أدلة الفريقن، ومناقشتها فالراجح عندي رأي جماهير الفقهاء وهو حرمة استعمال آنية الذهب والفضة في سائر الاستعمالات. وقولي هنا قاصر على آنية الذهب والفضة، واستعمال الآلات المصنوعة منهما. كالقلم، ومقابض الأبواب، وصنابير الماء، ونحو ذلك. أما المطلي بهما فسيأتي بيان حكمه في مبحث قريب إن شاء الله. وأما اللباس من حلي وغيره فلا يشمله هذا الرأي، لأن فيه تفصيلا؛ فمنه ما يحل وما يحرم. وترجيحي لهذا القول بناء على قوة دليله فالنهي عن الأكل والشرب تنبيه على النهي عن استعمال آنية الذهب والفضة في كل شيء، وهذا من بلاغة الرسول (فقد اكتفى بالتنبيه على أهم أنواع الاستعمال؛ لأن غيرها مقيس عليها، ولو ذكر أنواعا من الاستعمال غيرها لكان هذا غير محقق لإحصاء أنواع الاستعمال؛ لأن صور الاستعمال لا تنحصر، ولو انحصرت في عصره (فإنها لن تنحصر في العصور الأخرى؛ لأن أساليب الاستعمال تتعدد، وتتنوع من عصر إلى آخر. ومثله نص الرسول (في أحاديث الربا على الأصناف الستة، وقد عدْا جماهير الفقهاء ومنهم أصحاب القول الثاني حكمه إلى غيرها. فكما لم يقصروا الربا على الأصناف الستة كان عليهم ألا يقصروا حرمة استعمال أواني الذهب والفضة على الأكل والشرب. وأما أن النبي (لم يأمر بتكسيرها فلأنها ليست محرمة في ذاتها، وإنما المحرم هو استعمالها آنية، ولذا فإن في بقائها فائدة، ويمكن الانتفاع بها مثل تحويلها إلى نقود، أو حلي للنساء، وغيره من الاستعمالات المباحة.

الفصل الثالث: علة تحريم استعمال أواني الذهب والفضة

تعريف العلة:

العلة في اللغة مأخوذة من عل. وتأتي لمعانٍ، أشهرها ثلاثة:

الأول: تكرار الشيء، أو تكريره، ومنه العلل، وهي الشربة الثانية (١) ، وسميت العلة بذلك؛ (لأن المجتهد يعاود النظر في استخراجها مرة بعد مرة) (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>