للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقشة التعليل الأول: يمكن مناقشة القول بأن علة التحريم الخيلاء وكسر قلوب الفقراء بأن الخيلاء حرام في ذاتها وفي جميع الأحوال، سواء اقترنت باستعمال آنية ذهب أو فضة، أولم تقترن بها، حتى الفقير المتكبر لا ينظر الله إليه، ولا يزكيه وله عذاب أليم، وإن لم يستعمل آنية الذهب أو الفضة قال (:ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلابيمينه رواه الطبراني في الثلاثة إلا أنه قال في الصغير والأوسط ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. (١) فذكره. قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (٢) . (وعلة الحظر التي يبنى عليها القياس يجب أن تكون مشتملة على المحظور على سبيل المساواة طردا وعكسا. والخيلاء لا تصلح أن تكون علة حظر استعمال الذهب لاطردا ولاعكسا؛ لأن الشرب بآنية الذهب والفضة محظورة بإجماع الفقهاء وإن لم يقصد بها الخيلاء. والزينة بالأحجار الكريمة مباحة باتفاق الجمهور ما لم يقصد بها الخيلاء) (٣) . أما كسر قلوب الفقراء فيرد عليه جواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة ولم يمنعها إلا من شذ (٤) كما أن الفقراء يصدع قلوبهم ما هو أعظم من استعمال أواني الذهب والفضة وذلك عندما يشم الفقير رائحة الطعام الزكية من مطابخ الأغنياء وهو يتضور جوعا لفقدانه كسيرة خبز تسد رمقه، وكذلك عندما ينظر ملابس الموسرين الفاخرة وهو يلبس الأسمال البالية التي لا تقيه حر القيظ، ولا زمهرير الشتاء (٥) ، وحينما ينظر إلى من يركبون السيارات الفخمة الأنيقة المكيفة، وهو لا يجد ما يمكنه من ركوب سيارات الأجرة العامة، فهذا البائس وأمثاله من البؤساء المساكين لا يلتفتون إلى استعمال غيرهم لأواني الذهب أو الفضة، ولا يحسون في ذلك الاستعمال متعة فقدوها، بل لا يخطر لهم على بال، بل هم في شغل شاغل

<<  <  ج: ص:  >  >>