للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية للبخاري عن عاصم الأحول قال (رأيت قدح النبي (عند أنس بن مالك وكان قد انصدع (١) فسلسله (٢) بفضة. قال: هو قدح جيد عريض من نضار (٣) . قال قال أنس: لقد سقيت رسول الله (في هذا القدح أكثر من كذا وكذا) (٤) .

قال وقال: ابن سيرين (إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة فقال له أبو طلحة:لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله (. فتركه) (٥) .

ظاهر الحديث أن الذي وصله هو أنس، ويحتمل أن يكون النبي (، وهو ظاهر رواية أبي حمزة المذكورة بلفظ (أن قدح النبي (انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة) (٦) .

وما رواه البيهقي عن قتادة أن أنسا كره الشرب في المفضض (٧) . فلعله من أوهام أبي العوام، التي وصف بها فيما قيل عنه:إنه صدوق يهم (٨) . فرواه في الحديث الأول على الوجه الصحيح، وحكمنا عليه بالحسن لموافقته لقول وفعل أنس في قدح رسول الله (الثابت في الصحيحين وغيرهما؛ لأنه لا يمكن أن يروي حديثين بإسناد واحد يخالف أحدهما الآخر وحكمنا على الرواية التي أوردها البيهقي بالضعف لمخالفتها لقول أنس، وفعله، وإرادته؛ فقد قال: لقد سقيت رسول الله (في هذا لقدح أكثر من كذا وكذا.

وأما فعله فهو:أن قدح رسول الله (انصدع فسلسله بفضة. والظاهر أن الذي سلسله أنس كما رجحه ابن حجر. وأما إرادته:فهو أنه كان للقدح المذكور حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة. فقال له أبو طلحة لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله ((٩) . فهمه بتغيير الحلقة إلى الذهب أو الفضة دليل على أنه يجيز الشرب في المفضض. وأن عدوله عما هم به لا لأنه يراه غير جائز؛ ولكن تفضيلاً لبقاء القدح على الهيئة التي كان عليها شرب الرسول (منه. كما أن أبا طلحة رضي الله عنه لم يقل له إنه يكره، أو لا يجوز ذلك؛ ولكنه تفضيل منه لبقاء ما كان على ما كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>