للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: وناقشوهم في دليلهم الثاني:

بأن إزالة العقل بالضرب على الرأس لا يدل على أن العقل في الرأس، بدليل أن الإنسان إذا عصرت أنثياه زال عقله، ولا قائل بأن العقل مستقر هنالك ((١)) .

وقد يُناقَشُ الفريقان الأول والثالث فيما استدلوا به على أن العقل في القلب، بما يلي:

أولاً: أن الآيات القرآنية الكريمة لا دلالة فيها على أن العقل في القلب، وإنما مقتضى الآية الأولى أن صاحب القلب السليم من الشبهة والشهوة هو الذي ينتفع بالمواعظ والزواجر.

وكذلك هو مقتضى الآيتين الثانية والرابعة. وأما الآية الثالثة فهي صريحة الدلالة على أن القلب في الصدر، وهذا مما لا خلاف فيه وإنما الخلاف في محل العقل.

ثانياً: أن الحديث والأثر المستدل بهما على أن العقل في القلب لا تنهض بهما حجة، لكون بعض أئمة الحديث ذكرهما في جملة الموضوعات.

ثالثاً: أن القول بأن العلوم محلها القلب غير مسلَّم، ولو سُلَم فلا يدل على أن محل العقل هو القلب.

المطلب الثالث: الترجيح، وبيان سببه

من خلال استعراض الأقوال الثلاثة السابقة، والموازنة بين أدلة كل قول يترجح لدي أن العقل في القلب ويفيض نوره إلى الدماغ، وذلك لسببين:

السبب الأول:

... أن استقرار العقل في القلب أو في الرأس أمْر خفي لا يمكن الاطلاع عليه، وما كان كذلك فالحكم فيه موقوف على الشارع، والذي دلت عليه النصوص القرآنية الكريمة في ظاهرها أن العقل في القلب، فيكون القول بمقتضى ذلك الظاهر أولى وأسلم.

السبب الثاني:

... أن الذين نسبوا العقل إلى الرأس إنما نسبوه من قبيل أن العقل نور في القلب يفيض إلى الرأس، وكونه كذلك لا يدل على أن الرأس محل له، بل إن الرأس يتأثر بنور العقل وإن لم يكن مستقراً فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>