وقال المرغيناني (١) الحنفي رحمه الله تعالى: (ومَنْ شجَّ رجلاً فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية، لأن بفوات العقل تبطل منفعة جميع الأعضاء)(٢) .
المبحث الثالث: تفاوت العقل
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: أقوال الأصوليين في ذلك
اختلف الأصوليون في تفاوت العقول من شخص لآخر على قولين:
القول الأول: ... العقل يتفاوت من شخص لآخر.
وممن ذهب إلى هذا القول من الأصوليين: القاضي أبو يعلى (٣) ، وأبو الخطاب (٤) ، والفتوحي (٥) ، والبزدوي (٦) ، ومحمد بن نظام الدين الأنصاري (٧)(٨) .
القول الثاني:
العقل لا يتفاوت، بل هو شيء واحد في جميع الناس لا يزيد ولا ينقص. وإلى هذا القول ذهب الأشاعرة والمعتزلة وابن عقيل الحنبلي (٩) .
المطلب الثاني: الأدلة والمناقشات
أولاً: أدلة القول الأول:
استدل القائلون بأن العقل متفاوت بالأدلة الآتية:
الدليل الأول:
... ما رواه أبو سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أَضْحىَ أو فِطْرٍ إلى المُصّلَى فمرَّ على النساء فقال: (يا معشر النساء تصدَّقْن فإني أُريتكنَّ أكثر أهل النار) ، فقلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال:(تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عَقل ودين أَذْهَبَ للب الرجل الحازم من إحداكن) ، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:(أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة
الرجل؟) قلن: بلى، قال:(فذلك من نقصان عَقْلها، أليس إذا حاضت لم تُصَلَّ ولم تَصُم؟) قلن: بلى قال: (فذلك من نقصان دينها)(١٠) .
... وجه الاستدلال: أن هذا الحديث يدل على نقصان عقل النساء عن عقول الرجال مع وصفْهِنَّ بالعقل، ولو كان العقل شيئاً واحداً لا يتفاوت لما استقام ذلك.