للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. قالوا: إن الإجماع منعقد على أن العقل متفاوت، وذلك لأن كل الناس يقولون: عَقْلُ فلان قليل، وعقل فلان أكثر من عقل فلان، وفلان غير عاقل.

الدليل الثالث:

... قالوا: إن العقل منحة إلهية تفضلَّ الله تبارك وتعالى بها على عباده، وفَضْلُ الله تعالى يتفاوت بحسب قابلية المحل واستعداده، فيزيد عند بعض الناس، وينقص عند البعض الآخر.

... ولو كان العقل على حالة واحدة لما كان كذلك (١) .

ثانياً: أدلة القول الثاني:

... استدل القائلون بأن العقل لا يتفاوت بدليلين:

الدليل الأول:

... أن العقل من العلوم الضرورية، وتلك لا تختلف في حق عاقل، بل العقلاء في ذلك متساوون.

الدليل الثاني:

... أنه لو كان أحد الناس أكمل عقلاً من الآخر لم يحصل لغير الكامل الغرض، وهو تأملَّ الأشياء ومعرفتها لأجل النقصان الذي حصل فيه (٢) .

ثالثاً: المناقشات:

أ - نوقش القائلون بعدم تفاوت العقول فيما استدلوا به على ذلك بما يلي:

أولاً: نوقشوا في دليلهم الأول: بأن تلك العلوم الضرورية لم يختلف ما يُدرك بها من النظر والشم والذوق، فلهذا لم تختلف هي في أنفسها، وليس كذلك العقل لأنه يختلف ما يُدرك به وهو التمييز والفكر، فيقلُّ في حق بعضهم ويكثر في حق البعض الآخر، ولذلك اختلف وتفاوت.

ثانياً: ونوقشوا في دليلهم الثاني: بأنه إنما لم يحصل له الغرض الكامل لأنا نجد أنّ مَنْ لم يكمل عقله لا تكمل أحواله ولا يبلغ جميع أغراضه، ومَنْ كمل عقله بلغ أكثر أغراضه وأكمل أكثر أحواله (٣) .

ب- ونوقش القائلون بتفاوت العقول فيما استدلوا به على ذلك بما يلي:

أولاً: نوقشوا في دليلهم الأول من وجهين:

الوجه الأول: أن العقول لا يجوز أن تتفاوت بأصل الفطرة، وإنما تتفاوت بالعوارض وهذا لا يُعْتَدُّ به، وإذا كان غير معتد به فالرجال والنساء في العقل سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>