الوجه الثاني: أن الرجال والنساء سواء في التكليف، فلا بُدَّ من الاستواء فيما هو مناط له وهو العقل (١) .
ثانياً: ونوقشوا في دليلهم الثاني والثالث من وجهين أيضاً:
الوجه الأول: أن العقل بَعْضُُ من العلوم فلا يقبل الزيادة والنقصان، لأن العلم الكسبي لا يقبل الزيادة، فيكون الضروري أولى بعدم قبولها.
الوجه الثاني: ما ورد من نحو قولهم: " عقل فلان أكثر من عقل فلان " إنما هو من باب قولهم: " فلان أعلم من فلان " بمعنى أن معلوماته أكثر، فيكون المراد بزيادة العقل كثرة التجارب، والتجارب قد تجوَّز فيها قوم فقالوا: هي عقل ثانٍ، وقالوا في المشورة: عقل غيرك مُنْضَمُُّ إلى عقلك، وهذا كله مجاز، والحقيقة لا تقبل التزايد (٢) .
المطلب الثالث: الترجيح، وبيان سببه
يترجح لديّ مما سبق عرضه ومناقشته أن العقل متفاوت، فهو يختلف قلةً وكثرةً من إنسان لآخر، وذلك لسببين:
السبب الأول:
... أن الله تبارك وتعالى أمرنا برد كل شيء متُنَاَزعٍ فيه إليه سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)(٣) .
وقال:(وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)(٤) .
... وقد رددنا هذه المسألة المتنازع فيها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فوجدنا أنه عليه الصلاة والسلام أخبرنا في الحديث المتفق عليه السابق ذِكْرُه (٥) بأن النساء ناقصات عقل، وفي هذا الإخبار دلالة صريحة على نقصان عقول النساء عن عقول الرجال، ولو كانت العقول متساوية لما أخبرنا بذلك عليه الصلاة والسلام.
السبب الثاني:
... أننا نجد في الواقع المحسوس الملموس اختلاف الناس في الإدراك العقلي، فبعضهم أكثر إدراكاً من بعض، وهذا يدل دلالة واضحة على تفاوت العقول بين الناس، إذ لو كانت متساوية لما وُجد ذلك الاختلاف.