للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. فالنقل عندهم محل الاعتبار إذا جاء موافقاً لحجج العقول، فإنْ جاء مخالفاً لها وجب تكييفه بما يتفق مع دلالة العقل إن أمكن ذلك، وإلا وجب ردّه أو تأويله.

... وبرُهان ذلك كله ما دلت عليه أقوالهم الصريحة بهذا الخصوص، فقد قال منظَر مذهبهم القاضي عبد الجبار في نصوص السنة المخالفة لقضايا العقول عندهم: (وإن كان مما طريقة الاعتقادات يُنْظَر: فإنْ كان موافقاً لحجج العقول قُبِل واعتُقِد موجبه، لا لمكانه بل للحجة العقلية، وإن لم يكن موافقاً لها فإنَّ الواجب أن يُرَدَّ ويحكم بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يقله، وإنْ قاله فإنما قاله على طريق الحكاية عن غيره، هذا إذا لم يحتمل التأويل إلا بتعسُّف، فأما إذا احتمله فالواجب أن يُتَأوَّل) (١) .

المطلب الثاني: دراسة موقف المعتزلة من العقل

من خلال استعراض أهم السمات التي دلت على تقديس العقل عند المعتزلة فإنَّ طبيعة الدراسة لتلك السمات التي حدَّدت بوضوح موقف أهل الاعتزال من العقل بوصفه حجة لها الأولوية الكبرى في مقام الاستدلال تقودنا إلى نَظْرةٍ تقويمية لكل سِمَةٍ على حدة لبيان ما لها وما عليها حسب ميزان الحق والإنصاف ودون حَيْفٍ أو إجحاف، وذلك وفق ما يلي:

أولاً: أن السمة الأولى التي مقتضاها: " قَصْرُ العلم بأصول التقبيح والتحسين على العقل فقط " اشتملت في تصوري على ما يمكن قبوله والتسليم به، وعلى مالا يمكن قبوله والتسليم به.

<<  <  ج: ص:  >  >>