للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعزى انتصار الرشيد إلى نشاطه وقوته، وكان لوجود المهدي معه دافعاً قوياً شجعه على التقدم إلى بلاد العدو، كما كان لوجود عناصر متعددة في جيشه من خراسان والعراق والشام دافعاً لهم على التنافس الشريف في إظهار القوة أمام الروم، فضلاً عن أنهم كانوا هيئوا أنفسهم للقاء الخصم مدة شهرين، حيث أقاموا بالبردان (١) وأنفق فيهم نفقة كبيرة، كما كان لآل برمك دور في التعجيل بالنصر فقد أظهروا بسالة في حربهم للروم. يقول ابن كثير: " وكان لخالد بن برمك في ذلك أثر جميل لم يكن لغيره وكذلك أبناؤه "، ثم صالحهم الرشيد على ألاّ يقتلوا ولا يرحّلوا ولا يفرّق بينهم (٢) .

وفي سنة ١٦٤هـ / ٧٨٠م عاد عبد الكبير بن عبد الحميد (٣) أدراجه مع الجيش الإسلامي – وكان قد بعث به المهدي على رأس الصوائف ذلك العام – حقناً لدماء المسلمين؛ لعلمه أن الروم استعدوا لهم في درب الحدث (٤) في تسعين ألفاً يتقدمهم بطارقتهم (ميخائيل وطازاذا) (٥) ، ولابد أنهم جاءوا لرد الاعتبار بعد هزيمتهم في قلعة صمالو، إلاّ أن المهدي أغاضه ذلك وعدّه انهزاماً (٦) ، ولهذا بعث بابنه الرشيد في العام الذي يليه سنة ١٦٥هـ / ٧٨١م على رأس الصائفة لغزو الروم؛ لثقته في حسن قيادته، ولقد ألقت الدولة العباسية بثقلها كله في هذه الحرب، وهذا واضح في قول بعض المؤرخين (٧) ((أن الجيش الذي قاده هارون الرشيد بلغ خمسة وتسعين ألفاً وسبعمائة وثلاثة وتسعين رجلاً، وكان معه من النفقة مائة ألف دينار وأربعة وتسعون ألف دينار وأربعمائة وخمسون ديناراً، ومن الفضة إحدى وعشرون ألف وأربعمائة ألف وأربعة عشر ألفاً وثمانمائة درهم)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>