وقبل انتهاء مدة الهدنة بأربعة أشهر تجدد القتال بين الطرفين (١) ؛ لامتناع البيزنطيين عن دفع الجزية للمسلمين ويظهر أن سوء الأحوال الاقتصادية كان سبباً مباشراً في ذلك، فقد رأت إيريني بنظرتها الخاطئة أن معالجة هذه الأوضاع لا يكون من الداخل؛ حتى لا تفقد محبة الناس لها وتستبعد عن الحكم، وبناء على ذلك تجاوزت عن كثير من الضرائب المقررة على السكان، وأمعنت في منح امتيازات للأديرة لما للرهبان من أهمية في تأييدها ومساعدتها (٢) فرأت في الامتناع عن دفع الجزية تعويضاً لهذا؛ ظناً منها أن المسلمين بعيدون عن أراضيها وليس لهم في تلك الأموال أي حق يذكر، وأنهم لن يتمكنوا من عمل أي شيء في هذا الصدد.
وعليه فقد سيّر المهدي سرية على رأسها علي بن سليمان (والي الجزيرة وقنسرين) ويزيد بن بدر بن البطال (٣) - سنة ١٦٨هـ/ ٧٨٤م – وصلت إلى بلاد الروم وقاتلت البيزنطيين وهدمت بعض القلاع التي على الحدود وغنموا وعادوا سالمين (٤) .
كما اصطدم معيوف بن يحيى الذي انطلق على رأس الصائفة سنة ١٦٩هـ/ ٧٨٥م بالجيش البيزنطي الذي تحرك بأمر من إيريني؛ لرد اعتبار الروم بعد هزيمتهم الأخيرة، وتقابل الجيشان في منطقة الحدث وهُزم البيزنطيون وتوغل المسلمون في بلاد الروم حتى بلغوا مدينة أُشْنُة وأصابوا غنائم وفيرة وأسروا (٥) خمسمائة رجل - تقريباً -.