للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا كانت العلاقة بين الخلافة العباسية والدولة البيزنطية سنة ١٨٧هـ / ٨٠٢م - وخاصة شهر شعبان ورمضان وشوال – عدائية فنقض نقفور الصلح مع الرشيد وامتنع عن دفع الجزية التي اعتادت إيريني دفعها كل سنة، فتمخض عن ذلك فتح المسلمين لبعض حصون الروم، كحصن قرة وحصن سنان، وطلب نقفور من الرشيد ردّ الأموال التي دفعتها إيريني خلال حكمها، فترتب على ذلك فتح هرقلة وتأديب نقفور، ودفعه للجزية المقررة عليه، وبعد عودة المسلمين إلى بلادهم نقض نقفور الصلح واسترد هرقلة، فعاد المسلمون واستردوها، وهذا يدل على أهمية هرقلة لدى الطرفين؛ لأنها تمثل مركزاً استراتيجياً باعتبار أنها مدخل أرض الروم بعد الثغور الشامية، ونهاية حدود الدولة الإسلامية من أرض الشام، كما يدل أيضاً على تحمل الرشيد والمسلمين للغزو وصبرهم عليه، فقد دخلوا أرض الروم ثلاث مرات خلال ثلاثة أشهر؛ بينما يدل على ضعف المقاتلين البيزنطيين؛ لأنهم يقاتلون من وراء الحصون والقلاع مهابة الموت تحت سيوف المسلمين ويتضح كذلك حب نقفور الشديد لنقض العهد والغدر بالآخرين، فقد حدث منه ذلك مع المسلمين ثلاث مرات، فكان من شرّ ما دبّ على وجه الأرض؛ لأنه كفر بالله تعالى، ونقض العهود والمواثيق أكثر من مرة فلا عهد له بعد ذلك ولا ذمة (١) . يقول الله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون} (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>