وفي محاولة من نقفور قطع على نفسه عهداً – بتأثير من الروم سنة ١٨٩هـ/ ٨٠٤م – بردّ اعتبار الروم في أقرب وقت ممكن؛ كسباً لرضاهم ورفعاً لمكانته فيهم، وفوق هذا امتنع عن دفع الجزية للرشيد، وعليه تقدم في ٢٠ رجب سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م (١) بقوة من الروم ناحية المدن التي تحمي الجزيرة (الشمالية الشرقية) وأغار على عين زربي (٢) وعلى الكنيسة السوداء (٣)(بلد بالثغر من نواحي المصيصة)(٤) ، وقاتل المسلمين المرابطين فيها وأسر عدداً منهم، إلاّ أنه لم يتمكن من المحافظة على هذا النصر، واستطاع أهل المصيصة أن يلحقوا بالروم – أثناء عودتهم إلى بلادهم – ويستنقذوا ما في أيديهم من الأسرى المسلمين (٥) .
وغضب الرشيد لهذه التطورات وسار في بداية شعبان سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م وسار معه مائة ألف وخمسة وثلاثين ألف فيهم من المرتزقة سوى الأتباع وسوى المطّوعة وسوى من لا ديوان لهم (٦) وساروا بعد أن أكملوا استعداداتهم وهيأوا أنفسهم للقاء الروم.
ويذكر الجهشياري (٧) أن الرشيد اتخذ دراعة (٨) مكتوباً عليها (غاز حاج) فكان يلبسها فقال أبو المعالي الكلابي: