للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما وصل الرشيد أطراف بلاد الروم وزع قواده فيها (١) ؛ لئلا يؤخذ المسلمون على غرّة، ولا يتاح للروم الإعداد للقاء المسلمين في جهات متعددة، فأرسل: عبد الله بن مالك ناحية ذي الكلاع (٢) ، فحاصرها وفتح حصنها عنوة بعد أيام، وغنم وعاد سالماً، ووجه داود بن عيسى بن موسى في سبعين ألفاً إلى أرض الروم، ففتح بلاداً كثيرة – لم تذكرها المصادر – وهدم بعض الحصون والقلاع وغنم وعاد مع المسلمين، وبعث شراحيل ابن معن بن زائدة ناحية حصن الصقالبة ودبسة فافتتحهما وأدبّ من فيها من الروم، ثم أسر منهم عدداً (لا يقل عن خمسين رجلاً) وعاد سالماً وأرسل يزيد بن مخلد إلى الصفّصاف وملقونية (٣) ففتحهما عنوة وغنم وسبى، ووجه حميد بن معيوف الهمداني إلى ساحل البحر المتوسط فبلغ قبرص (٤) ، فافتتحها (٥) عنوة، وهدم بعض قلاعها وسبى من أهلها ستة عشر ألفاً (٦) .

والواضح أن الرشيد تحرك مع المسلمين صوب هرقلة؛ لتأديب نقفور وإخضاعه لدفع الجزية، إلاّ أنه لما وصل أطراف بلاد الروم غيّر استراتيجيته؛ لأنه علم أن نقفور أثار سكان المدن الرومية على المسلمين، وأمرهم أن يُعدّوا العدة للقائهم فأراد الرشيد أن يباغتهم قبل أن يكملوا استعداداتهم، ففرق القادة في أماكن متعددة من بلادهم – وكان نصيب الرشيد هرقلة والتي سنتحدث عنها لاحقاً – إن شاء الله – ففتحوا مدناً في البر والبحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>