وكان لفتح هرقلة أثره في الروم،فقد أعلن أهل الطوانة نقضهم للطاعة، وأرادوا الكيد للمسلمين، فتحرك الرشيد ناحيتهم لتأديبهم (١٥ شوال سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م) وأقام عليها فأظهر أهلها الطاعة، وأقام مسجداً هناك، كما أقام معسكرات لا حصر لها (٢) وخلف عليها عقبة بن جعفر وأمره ببناء منزل هنالك (٣) . ليوافيه بأخبار أهلها.
كما نقض أهل جزيرة قبرص الصلح الذي عقدوه مع حميد بن معيوف وأعلنوا عداءهم للمسلمين، فبعث الرشيد إليهم (٢٢ شوال سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م) معيوف ابن يحيى، فقاتلهم وسبى وقتل عدداً كبيراً من أهلها (٤) .
والحقيقة أن انتصارات المسلمين على الروم سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م أكّدت لنقفور عدم مقدرته على التصدي عسكرياً للمسلمين في خلافة هارون الرشيد، مما جعله يلجأ إلى انتهاج سياسة اللين والموادعة، يدل على ذلك كتابه إلى الرشيد – أواخر سنة ١٩٠هـ / ٨٠٥م -: ((لعبد الله هارون أمير المؤمنين من نقفور ملك الروم، سلام عليكم، أما بعد أيها الملك فإن لي إليك حاجة لا تضرّك في دينك ولا دنياك، هيّنة يسيرة أن تَهَبَ لابني جارية من بنات أهل هرقلة كُنْتُ قد خطبتها على ابني فإن رأيت أن تسعفني بحاجتي فعلت. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) (٥) .