وفي شعبان سنة ١٩١هـ / ٨٠٦م بعث الرشيد هرثمة بن أعين – ومعه مسرور الخادم – على رأس الصائفة، وضم إليه ثلاثين ألفاً من جند خراسان؛ لقوتهم وشدة مراسهم، وتقدمّهم الرشيد إلى درب الحدث، وأقام بها ثلاثة أيام من رمضان ومنها وجّه سعيد بن سلم بن قتيبة، فأقام مع المسلمين في مرعش (١) ، فأغارت الروم عليها وأصابوا من المسلمين، وانصرفوا وسعيد ابن سلم مقيم بها، فأرسل الرشيد إلى الروم محمد بن يزيد ابن مزيد يتتبعهم، فلحق بهم في طرسوس وأوقع بهم ثم عاد أدراجه مع المسلمين، وحين اطمأن الرشيد على الأوضاع في الثغور عاد إلى الرقة ليقيم فيها (٢) .
وولى الرشيد ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي إمارة الثغور الشامية سنة ١٩٢هـ / ٨٠٧م، فغزا الروم في الصائفة وفتح مطمورة (٣) وكان لكثرة غزوات المسلمين في الفترة الأخيرة سنة ١٩١ – ١٩٢هـ / ٨٠٦ – ٨٠٧م أثرها في إلقاء الرعب في قلوبهم، فقد ذهبت بسببها الآلاف منهم، مما دفعهم إلى التفكير في مصالحة المسلمين (٤) . يقول ثيوفان (المؤرخ البيزنطي) أن هناك سفارة تكونت من ثلاثة من كبار رجال الدين لهذا الغرض وهم: المطران سينادا Synnada ورئيس دير جولياس Gulaias وأسقف أماستريس Amastris (٥) ، إلا أنه لم يذكر ما حدث مع هذه السفارة، في حين أشارت المصادر الإسلامية إلى أن الصلح والفداء كان على يد ثابت بن نصر في قرية البذندون (٦) ، حيث فودي في هذا العام من المسلمين في سبعة أيام نحو ألفين وخمسمائة رجل وامرأة (٧) .
وفي ٥ جمادى الآخرة سنة ١٩٣هـ / ٨٠٨م (٨) توفي الخليفة هارون الرشيد، وتوقفت حملات الصوائف والشواتي على الإمبراطورية البيزنطية؛ لانشغال المسلمين بفتنة الأمين والمأمون في الفترة ١٩٣ – ١٩٨هـ / ٨٠٨ – ٨١٣م (٩) ، إلاّ أنه استطاع بعدها المأمون أن يُعيد وحدة الدولة العباسية، وأخذ يتفرغ لمواجهة البيزنطيين (١٠) .