أما ما يعرف في صقلية باسم " رجال الجرائد " فهم أولئك المسلمون الكادحون في الأرض، والذين يشبه وضعهم وضع الرقيق، ويرثه الأبناء عن الآباء، وكان هذا النوع من الإسترقاق موجوداً في عهد روجر الأول، وقد ضمت تلك القوائم أسماء أعلام مسلمين مثل: محمد، وعلي، وعبد الله، كما ضمت أسماء أعلام يونانية ولاتينية (٤٦) .
كما دفع المسلمون الجزية لروجر الأول إلى جانب اليونان، حيث نقل احسان عباس ذلك عن أماري في تاريخ المسلمين في صقلية إذ يقول:" وليس في صقلية من يدفع الجزية السنوية إلا المسلمون واليونان، وهم وحدهم الذين يلحقهم اسم الأرقاء أي رجال الجرائد "(٤٧) .
ورجال الجرائد هؤلاء لم يكونوا يتمتعون بالحرية الشخصية بل مطلوب منهم تأدية الخدمة العسكرية متى ما طلب منهم ذلك، كما كانوا يخضعون لنظام السخرة في العمل (٤٨) .
وفي مقابل رجال الجرائد، كان هناك الأفاضل، وهم الأحرار من المسلمين يحق لهم امتلاك الأراضي مع حرية التصرف بممتلكاتهم، " ومن بينهم موظفون مدنيون يختصون بشئون الهبات والوصايا والبيع والعقود ... وكانوا يساعدون القضاة والموثقين، كما كانوا في بعض الأحيان يتولون التحكيم بين الأطراف المتخاصمة "(٤٩) .
وفي عهد روجر الثاني (٤٩٤ – ٥٤٩ هـ / ١١٠١ – ١١٥٤م) تتخذ سياسة التعامل مع المسلمين وضعاً أفضل مما كانت عليه في عهد روجر الأول، وذلك لشغف روجر الثاني بمدنية المسلمين وعلومهم وفنونهم وتراثهم فقد كان من أشد الحكام النورمان تعلقاً بالمسلمين وتراثهم، وفي ذلك يقول ابن الأثير عنه (٥٠) :
(سلك طريق المسلمين من الجنائب (٥١) ، والحجاب (٥٢) ، والسلاحية (٥٣) والجاندارية (٥٤) ، وغير ذلك وخالف عادة الفرنج فإنهم لا يعرفون شيئاً منه) .