للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كتب على دائرة الوجه الأول: (الحمد لله حق حمده وكما هو أهله ومستحقه) . وفي دائرة القفا: (ضرب بأمر الملك المعظم رجار المعتز بالله بمدينة المهدية سنة ثلث وأربعين وخمسمائة) . وكتب في وسط الوجه: (المعتز بالله) . وفي وسط القفا: (الملك روجار) (٦١) .

وضرب مثل هذه الدنانير بمدينة المهدية في شمال إفريقيا يدل على رغبة ملوك صقلية النورمان في إتباع سياسة اللين والتسامح التي ترمي في الواقع إلى تهدئة خواطر سكان البلاد التونسية واستمالتهم إلى قبول الاستيلاء الإفرنجي (٦٢) .

كما أستخدم روجر وأتباعه المظلة، التي اختص بها بنو عبيد الله، وهي شبه درقه في رأس رمح، محكمة الصنعة، يمسكها فارس من الفرسان، يعرف بها، فيقال له: صاحب المظلة، فيحاذي بها الملك من حيث كانت الشمس ليقيه حرها (٦٣) .

شخصيات علمية وأدبية في بلاط النورمان:

يعد الأدريسي من أعظم الشخصيات العلمية المسلمة التي مثلت الوجود الإسلامي في صقلية بعد سقوطها، وذلك لشهرته الجغرافية، فهو أعظم الجغرافيين المسلمين في العصور الوسطى.

واحتضن بلاط روجر الثاني الشريف الأدريسي. والمصادر لم تمدنا بمعلومات عن كيفية وصوله إلى بلاط روجر وكل ما أفادتنا به أنه استدعاه ليصنع له صورة الأرض، ويؤلف له كتاباً في شرحها.

ولا نعلم كيف سمع به روجر، فإن الإدريسي لم يشتهر بالجغرافية قبل أن يستدعيه روجر، فهو لم يؤلف فيها قبل ذلك كتاباً، ولا سمع أحد في بلاد المسلمين نفسها أنه متضلع فيها، وكل الذي نعرفه من خلال المصادر أنه رحل إلى الشرق، وعاد إلى المغرب، ودخل الأندلس ودرس في قرطبة، ثم ظهر في صقلية لدى حاكمها روجر الثاني النورماني (٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>