نفطويه (٣٢٣هـ) ، وأبو سعيد السّيرافيّ (٣٦٨هـ) ، وأبو منصور الأزهريّ (٣٧٠هـ) ، وأبو عليّ الفارسيّ (٣٧٧هـ) ، وأبو الفتح ابن جنيّ (٣٩٣هـ) ، وأبو الحسين ابن فارس (٣٩٥هـ) ، وعبد القاهر الجرجانيّ (٤٧١هـ) وبعض الدّارسين المعاصرين، وهم يأخذون على ابن دريد مآخذ وينتقدون صنعته في ((الجمهرة)) .
ويمكن حصر المآخذ في نقاط رئيسة، ومن أبرزها:
أالخلل في الأصول اللّغويّة واضطرابها لفساد التّصريف:
ومن أوّل من اتّهم ابن دريد بهذه التّهمة أبو سعيد السّيرافيّ، فيما رواه أبو حَيَّان التَّوحيديّ، قال:((سألتُ السّيرافيَّ عن قول من قال: المزاح سمِّي مزاحا، لأنّه أزيح عن الحقّ، فقال: هذا محكيّ عن ابن دريد، وهو باطل، والميم من سِنخ الكلمة، في: مزحت أمزح، ومن أُزيحَ تكون زائدة.
وقال أبو سعيد: كان أبو بكر ضعيفاً في التّصريف، والنّحو خاصّة، وفي كتاب الجمهرة خلل كثير.
قلنا له: فلو فصلت بالبيان عن هذا الخلل، وفتحت لنا باباً من العلم، فقال: نحن إلى سَتْر زلاّت العلماء أحوج منا إلى كشفها. وانتهى الكلام.
فلما نهضنا من مجلسه قال بعض أصحابنا: قد كان ينبغي لنا أن نقول له: حراسة العلم أَوْلى من حراسة العالِم وفي السّكوت عن أبي بكر إجلال، ولكن خيانة للعلم)) (١) .
وكان أبو علي الفارسي يُعَرِّض بابن دريد، ويتنقّص منه، ويقلّل من شأنه (٢) . ومن تعريضه به قوله في بعض كتبه في أثناء كلامه عن كلمة ((يستعور)) : ((وقد كان شيخ من أهل اللّغة وَزَنَ هذه الكلمة ب (يَفْتَعُول) حتى نُبِّهَ عليه، وله فيما كان أملاه من الأبنية حروف كثيرة تحتاج إلى إصلاح)) (٣) .
ثمّ جاء ابن جنّي تلميذ أبي عليّ وصَدَحَ بكلمة مؤلمة في حقّ ابن دريد أوردها في ((الخصائص)) وهي قوله: ((وأمّا كتاب الجمهرة ففيه – أيضاً – من اضطراب التّصنيف، وفساد التّصريف، ما أعذر واضعه فيه، لبعده عن معرفة هذا الأمر.