فالمجاز بهذا التحديد عند أرسطو يعني كل ما يتجاوز التعبير الحقيقي البسيط إلى التعبير المنطلق من تعدد الدلالات أو احتمالات التأويل والتفسير، وهذا يتحقق في الاستعارة، وضروب البلاغة المختلفة، ومن ثمة فإن المجاز يتعلق بأسلوب الكاتب أو الشاعر من حيث قدرته على الابتكار والإبداع (٩) .
كما وضح أرسطو ضروب المجاز المختلفة التي تتعلق بأسلوب الكتابة الإبداعية مثل الألغاز التي هي مجازات تحتاج إلى التأويل والكشف والتفسير، حيث ترتبط هذه الألغاز بالمعنى. فالمجاز يتشكل من هذه الألغاز التي تثير دهشة المتلقي في التأمل والتأويل، وإدراك العلاقات بين أجزاء الكلام في النص. يقول:"فيمكن أن نستخرج من الألغاز المتقنة مجازات موافقة، لأن المجازات إن هي إلا ألغاز مقنعة، وبهذا نعرف مقدار نجاح نقل المعنى. فقد ينبغي أن يكون المجاز منتزعاُ من الأمور الجميلة"(١٠) .
وتناول أرسطو كذلك المثال وجعله ضرباً من ضروب المجاز، حيث يعني به الصورة الفنية، وهي نوع من التغيير أي التوسع والخروج على المألوف في التركيب اللغوي. يقول: "ثم إن المثال (image الصورة) أيضاً تغيير (metaphore المجاز) لكنهما يختلفان قليلاً. فيقول القائل في أخيلوس إنه وثب وثبة أسد هو تغيير، فمن أجل أنهما جميعاً كانا شديدين/سمى أخيلوس بالتغيير والاختلاف أسداً" (١١) .
كما يبين أرسطو أن روعة العبارة الأدبية تكمن فيما تحتويه من استعارة، وتقابل، وطباق، فهذه الضروب البلاغية تشكل المجاز البلاغي. يقول: "وكلما تضمنت العبارة معاني، ازدادت روعة: مثل أن تكون الألفاظ مجازية، وكانت الاستعارة مقبولة، وثم تقابل أو طباق وثم فعل" (١٢) .