للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأساس الذي يقوم عليه مفهوم المجاز عند ابن رشد هو التغيير، وهذا التغيير يرتبط بالقول الشعري. فالتغيير هو المجاز، وهو الذي يجعل من القول قولاً شعرياً، ومن العمل الإبداعي عملاً إبداعياً، لأنه يعتمد على تجاوز المألوف من خلال استخدام الصور المبنية على الاستعارة والكناية والتشبيه، فضلا عن ابن رشد قد أضاف بعداً جديداً في نظرته وتحديده لمفهوم المجاز من خلال تركيزه على أساليب المعاني مثل: التقديم والتأخير والزيادة والإيجاز والحذف. ولعل هذه الأساليب هي التي تميز العمل الإبداعي عن غيره من صور الكلام أو الكتابة العادية.

كما أضاف ابن رشد ضروباً أخرى إلى المجاز والتغيير مثل الأسماء الغريبة والرمز واللغز، ولعل الغرابة هنا تعني الدلالات المتولدة والجديدة التي تنتج عن الصياغة والتركيب الذي يخرج فيه المبدع عن المألوف. يقول:" وأما الأقاويل العفيفة المديحية فهي الأقاويل التي تؤلف من الأسماء المبتذلة ومن الأسماء الأخر أعني المنقولة الغريبة والمغيرة واللغوية، لأنه متى تعرى الشعر كله من الألفاظ الحقيقية المستولية كان رمزاً ولغزاً، ولذلك كانت الألغاز والرموز هي التي تؤلف من الأسماء الغريبة أعني بالغريبة: المنقول، والمستعار، والمشترك، واللغوي، والرمز- واللغز هو القول الذي يشتمل على معان لا يمكن أو يعسر، اتصال تلك المعاني الذي يشتمل عليها بعضا ببعض حتى يطابق بذلك أحد الموجودات" (٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>