باتا بأنعم ليلةٍ وألذّها
حتى إذا وضح الصباح تفرّقا
تقول: كان الأولى أن يقول تعانقا بدل تفرقا (١٣)
وهو نقد - في حدود تقديري - يكاد يكون إنطباعياً تأثريا لا يستند إلى قواعد صحيحة بل هو أشبه بمحاولات تجريبية تحكمها بعض عوامل البيئة.
ومن نقدها أيضا تفضيلها لجرير على الفرزدق حين زعم الفرزدق أمامها أنه أشعر الناس، فقالت له: كذبت، أشعر منك الذي يقول:
بنفسي من تجنبه عزيز
عليّ ومن زيارته لمام
ومن أمسى وأصبح لا أراه
ويطرقني إذا هجع النيام
فقال: والله لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه. قالت أقيموه فأُخرج. ثم عاد إليها من الغد فدخل عليها، فقالت: يا فرزدق من أشعر الناس؟ فقال: أنا، قالت: كذبت! صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:
لولا الحياء لعادني استعبار
ولزُرتُ قبرك والحبيب يزار
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا
ليل يكرّ عليهم ونهار
فقال: والله لئن أذنت لي لأسمعتك أفضل منه، فأمرت به فأُخرج. ثم جاء في اليوم الثالث ليتكرر الموقف ولتنشد سكينة ما أعجبها من قول جرير:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهنّ أضعف خلق الله أركانا
أتبعتهم مقلة إنسانها غرقٌ
هل ما ترى تارك للعين إنسانا (١٤)
كما أشارت بعض المصادر إلى عقيلة بن عقيل بن أبي طالب التي كانت تجلس للناس دائما وتنقدهم ومما ذكره المرزباني في كتابه الموشح عنها في هذا المجال انه وبينما هي جالسة إذ قيل لها: العذري بالباب. فقالت: ائذنوا له. فدخل. فقالت له: أأنت القائل:
فلو تركت عقلي معي ما بكيتها
ولكن طِلابيها لما فات من عقلي
إنما تطلبها عند ذهاب عقلك، لولا أبيات بلغتني عنك ما أذنت لك، وهي:
علقتُ الهوى منها وليدا فلم يزل
إلى اليوم ينمى حبها ويزيدُ
فلا أنا مرجوعٌ بما جئت طالباً
ولا حبها فيما يبيد يبيدُ
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها
ويحيى إذا فارقتها فيعودُ