وقد يشرحُ أبو عليٍّ نصاً لسيبويه لا نجدُهُ له في كتبه الأخرى، ولا في تعليقته التي وضعها على الكتاب، وخاصَّة إذا كان يُوردُ أكثرَ من رواية لنص سيبويه كما هي عادته في كثير من المواطن، ومن ذلك ما فعله مع نص سيبويه الذي قال فيه (١) : ((اعلَمْ أنَّ قولَهم في الشِّعْرِ: إِنْ زَيدٌ يَأْتِكَ يكنْ كذا، إنمَّا ارتَفَعَ على فِعْلٍ هذا تفسيرُهُ،كما كان ذلك في قولِكَ: إِنْ زَيْداً رَأيتُهُ يكُنْ ذلك؛ لأنَّه لا يُبْتَدَأ بعدها الأسماءُ ثُمَّ يُبْنَى عليها)) .
قال (أي: سيبويه) : ((فإنْ قلتَ: إِنْ تَأتِنِي زَيدٌ يَقُلْ ذاكَ، جاز على قولِ مَنْ قالَ: زَيداً ضَرَبْتُهُ، وهذا موضعُ ابتداءٍ وفي نسخةٍ أخرى: وليس هذا موضعُ ابتداءٍ، ألا ترى أنَّكَ لو جِئْتَ بالفاء فقلتَ: إِنْ تَأْتِنِي فَأنَا خيرٌ لكَ، كان حَسَناً. وإنْ لم تَحمِلْهُ على ذلك رُفِعَ، وجاز في الشِّعْرِ كقوله:
فقد تكلم الفارسيُّ على هذا النصِّ (في كلتا روايتيه) بإسهابٍ، وبيَّن مقصوده فيه.
إنَّ أبا عليٍّ يقفُ باقتدارٍ عجيبٍ على دقائق كلام سيبويه، ونراه (رحمه الله) ينبِّهُ على وجود كلامٍ في كتاب سيبويه يوحي بالتَّناقض بين موضعٍ وآخَرَ، وأنَّه يجب التنبُّه إلى ذلك فيُتَفَقَّدَ ويُمَحَّصَ فلا يحمل على التناقض، استمع إليه يقولُ (٢) : ((كثيرٌ من الكتاب يجب أن يُتَفَقَّدَ فلا يُحمَلَ على ما يتناقَضُ. وهو غير قليلٍ)) .