وفي تعويضهم من هذه الهمزة ما عَوَّضوا ما يَدُلُّ على أنَّ حَذْفَهَا عندهم ليس على حدِّ القياس ك ((جَيَلٍ)) في ((جَيْأَل)) ، ونحوِ ذلك، بل يَدُلُّ العِوَضُ منها على أنَّهُم حَذَفوها حَذْفاً على غيرِ هذا الحدِّ.
فإن قالَ: فما العِوَضُ الذي عُوِّضَ من هذه الهمزة (١) لَمَّا حُذِفَت على الحدِّ الذي ذَكَرْتَ، وما (٢) الدلالة على كونه عِوَضاً؟
قيلَ: أما العِوَضُ منها فهو الألفُ واللاَّمُ في قولهم: الله.
وأمَّا الدَّلالةُ على أنَّها عِوَضٌ فاستجازَتُهُم لقَطْعِ الهمزة الموصولة الدَّاخلةِ على لام التَّعريف في القَسَم والنِّداء وذلك قولُهُم:((أفألله لَتَفْعَلَنَّ)) ، و ((يا ألله اغْفِرْ لي)) (٣) ؛ ألا ترى أنَّها لو كانت غيرَ عِوَضٍ لم تَثْبُتْ،كما لم تَثْبُتْ في غير هذا الاسم، فلمَّا قُطِعَت هنا واسْتُجِيزَ ذلك فيها، ولم يُسْتَجَزْ في غيرها من الهَمَزَات الموصولة، علِمْنَا أنَّ ذلك لمعنًى اختَصَّتْ به ليس في غيرها. ولا شيءَ أَولى بذلك المعنى من أنْ يكونَ العِوَضَ من الحرف المحذوف الذي هو الفاء.
فإن قال قائلٌ: فما أنكَرْتَ ألاَّ يكونَ ذلك المعنى العِوَضَ، وإنمَّا يكونُ كَثْرَةَ الاستعمالِ، فغُيِّرَ بهذا كما يُغَيَّرُ غيرُهُ ممَّا يَكْثُرُ في كلامهم عن حال نظائره وحَدِّه؟
قيلَ: لا يخلو من أنْ يكونَ (٤) ذلك العِوَضَ،كما ذَكَرْناه، أو يكونَ كثرةَ الاستعمال، أو يكونَ لأنَّ الحرفَ ملازمٌ للاسمِ لا يفارقُهُ.
فلو كان كثرةُ الاستعمال هو الذي أوجَبَ ذلك دون العِوَض، لَلَزِمَ أنْ تُقطَعَ الهمزةُ أيضاً في غير هذا ممَّا يَكْثُرُ استعمالُهُ