فأماَّ القولُ الآخَر الذي قاله سيبويهِ في اسم ((الله)) تعالى، فهو أنَّ الاسمَ أصلُهُ ((لاهٌ)) ، وَزْنُهُ على هذا (فَعَلٌ) ، اللاَّمُ فاءُ الفعل، والألفُ منقلبةٌ عن الحرف الَّذي هو عينٌ، والهاءُ لامٌ. والذي دلَّهُ على ذلك أنَّ بعضَهم يقول:((لَهْيَ أبوكَ)) ، قال سيبويه (١) :
((فقَلَبَ العينَ وجعلَ اللامَ ساكنةً؛ إذْ صارت مكانَ العَين،كما كانت العينُ ساكنةً، وتركوا آخِرَ الاسم مفتوحاً،كما تركوا آخِرَ ((أَيْنَ)) مفتوحاً. وإنمَّا فعلوا ذلك به حيث غيَّروه لكَثْرَتِهِ في كلامهم، فغَيَّرُوا إعرابَهُ كما غَيَّرُوهُ)) . فالألفُ على هذا القول في الاسم منقلبةٌ عن الياء (٢) ؛ لظهورها في موضع اللاَّمِ المقلوبةِ إلى موضع العَين، وهي في الوجه الأوَّلِ زائدةٌ ل (فِعَالٍ) ، غيرُ منقلبةٍ عن شيءٍ، واللَّفْظَتان على هذا مختلفتان، وإنْ كان في كلِّ واحدةٍ منهما بعضُ حروف الأخرى.
وذَكَرَ أبو العبَّاس هذه المسألةَ في كتابه المترجَم ب ((الغَلَط)) ، فقال (٣) : ((قال سيبويه فيه: إنَّ تقديره (فِعَالٌ) لأنَّه ((إِلاَهٌ)) ، والألفُ واللاَّمُ في ((الله)) بدلٌ من الهمزة، فلذلك لَزِمَتَا الاسمَ مثل:((أُناس)) و ((النَّاس)) ، ثمَّ قال: إنَّهم يقولون: ((لَهْيَ أبوكَ)) في معنى: للهِ أبوكَ، فقال: يُقَدِّمون اللاَّمَ، ويؤخِّرُونَ العينَ)) . قال أبو العبَّاس (٤) : ((وهذا نقضُ ذلك؛ لأنَّه قال أوَّلاً: إنَّ الألفَ زائدةٌ؛ لأنَّها ألفُ (فِعَال) ، ثمَّ ذَكَرَ ثانيةً أنَّها عينُ الفعل)) .