قال أبو عليٍّ: وهذا الذي ذَكَرَهُ أبو العبَّاس من أنَّ هذا القولَ نَقْضٌ مغالَطةٌ، وإنمَّا كان يكونُ نَقْضاً لو قال في حرفٍ واحدٍ من كلمةٍ واحدةٍ وتقديرٍ واحدٍ: إنَّه زيادةٌ، ثمَّ قال فيها نفسِها: إنَّها أصلٌ، فهذا لو قاله في كلمةٍ بهذه الصِّفة لكان لا محالةَ فاسداً، كما أنَّ قائلاً لو قال: إنَّ التَّاءَ في ((تَرْتُب)) (١) زائدةٌ، ثمَّ قال: إنَّها في ((تَرْتُبَ)) أصلٌ، والكلمةُ لمعنًى واحدٍ من حروفٍ بأعيانها في الكلمة الأُولى، لكان فاسداً منتَقِضاً؛ لأنَّه جعلَ حرفاً واحداً من كلمةٍ واحدةٍ زائداً أصلاً، وهاتان حالتان يتنافى اجتماعُهُما في حرفٍ واحدٍ من كلمةٍ واحدةٍ في تقديرٍ واحدٍ. فلا يستقيمُ لذلك أنْ يُحكَمَ بهما عليه.
فأمَّا إذا قَدَّرَ الكلمةَ مُشْتَقةً من أصلَين مختلفَين، لم يمتنع أن يُحكَمَ بحرفٍ فيه أنَّهُ أصلٌ، ويُحكَمَ على ذلك الحرفِ أنَّهُ زائدٌ؛ لأنَّ التَّقديرَ فيهما مختلفٌ وإنْ كان اللَّفظُ فيهما متَّفقاً؛ ألا ترى أنَّكَ تقولُ: مَصِيرٌ ومُصْرَانٌ ومَصَارِينُ، و ((مَصِيرٌ)) مِن صَارَ يَصِيرُ، فتكونُ الياءُ من الأُولى زائدةً (٢) ، ومن الثَّانية أصلاً، فلا يمتنعُ لاتِّفاقِهِما في اللَّفظ من أنْ يُحْكَمَ على هذا بالزِّيادة، وعلى هذا بأنَّه أصلٌ (٣) .
وكذلك ((مَسِيلٌ)) إن أخذْتَهُ مِن سَالَ يَسِيلُ [كان مَفْعِلاً](٤) ، و ((مَسِيلٌ)) إنْ أخَذْتَه مِن مَسَلَ (٥) كان (فَعِيلاً) .