وكذلك ((أرْوَى)) (١) إن نوَّنْتَهُ جاز أنْ يكون (أَفْعَل) مثل ((أفْكَل)) (٢) ، وأن يكون (فَعْلَى) مثل ((أرْطى)) (٣) ، فإنْ لم تنوِّنْهُ كان (فَعْلَى) والألفُ فيه مثلُ ألفِ حُبْلَى (٤) .
وكذلك ((أُرْبِيَّةٌ)) لأصل الفَخِذِ (٥) ، إن أخذْتَهُ من الأَرَبِ الذي هو التَّوَفُّرُ من قولكَ: أَرَّبْتُ الشَّيءَ إذا وَفَّرْتَهُ وقولِهم: ((فلانٌ أريبٌ)) / أرادوا أنَّه ذو توفُّرٍ وكمالٍ، (لأنَّه عضوٌ له من التَّوفُّر والكمال ما ليس لغيره)(٦) ، وإنْ أخذْتَهُ من رَبَا يرْبُو إذا ارتَفَعَ؛ لأنَّهُ عُضْوٌ مرتفعٌ في القَصَبَة والخِلْقة، فاللَّفظتان متَّفقتان، والمعنيان مختلفان. وهذا كثيرٌ جداً، تتَّفِقُ الألفاظُ فيه، وتختلفُ المعاني والتَّقديرُ.
فكذلك هذا الاسم الذي نقولُ:((لَهْيَ)) ، عند سيبويه يُقدِّرُهُ مقلوباً من (لاهٍ) . و (لاهٌ) على هذا الألفُ فيه عينُ الفعل (٧) غير التي في ((الله)) إذا قدَّرْتَه محذوفاً منه الهمزة التي هي فاءُ الفعل، فحُكِمَ بزيادة الألف من غير الموضع الذي حُكِم فيه بأنَّهَا أصلٌ، وبأنَّها أصلٌ من غير الموضع الذي حُكِمَ فيه بأنَّهَا زائدةٌ، فإذا كان كذلك سَلِمَ قولُهُ من النَّقض، ولم يكُنْ فيه دَخَلٌ (٨) .
فإن قال قائلٌ: ما تُنكِرُ أنْ يكونَ ((لاهٌ)) في قول مَن قال: ((لَهْيَ أبوكَ)) هو أيضاً من قولكَ: ((إلاهٌ)) ، ولا يكونُ كما قدَّره سيبويهِ من أنَّ العينَ ياءٌ؛ لكن تكونُ الياء (٩) في ((لَهْيَ)) منقلبةً عن الألِفِ الزَّائدَةِ في ((إلاهٍ)) ؟
قيلَ: الذي يمتنعُ له ذلك ويَبعُدُ أنَّ الياءَ لا تنقلِبُ عن الألِفِ الزَّائدةِ على هذا الحدِّ، إنمَّا تنقلِبُ (١٠) واواً في ((ضَوَاربَ)) ، وهمزةً في ((كنائنَ)) ، وياءً في ((دنانير)) ، فأمَّا أنْ تنقلِبَ ياءً على هذا الحدِّ فبعيدٌ،لم يجئْ في شيءٍ عَلِمْنَاه.