ويدلُّ أيضاً سُكُونُ الحرف قبلَ الضَّمير في ((ظِلْتُ)) و ((طُلْتُ)) ،كما سُكِّنَ في ((ضَرَبْتُ)) . ولو كان المحذوفُ اللاَّمَ دون العين لَتَحَرَّكَ ما قبلَ الضَّمير، ولم يُسَكَّن (١) . فقد دلَّكَ هذا على أنَّ المحذوفَ الأَوَّلُ لا المتكرِّرُ. وقالوا:((عَلْمَاءِ بنو فلان)) (٢) ، يريدونَ: على الماء، و ((بَلْحَارث)) (٣) ، فحذفوا الأوَّلَ.
وأماَّ ما ذَكَرُوه في الفصل الثَّالث: من أنَّ التَّخفيفَ والقلبَ يَلْحَقُ الثَّانيَ من المكرَّرِ دون الأوَّلِ، فقد يَلْحَقُ الأوَّلَ من المكرَّر (٤) ،كما يلحقُ الثَّانيَ وذلك قولُهُم: دينارٌ وقِيراطٌ ودِيوانٌ ونحو ذلك؛ ألا ترى أنَّ القَلْبَ لَحِقَ الأوَّلَ كما لَحِقَ الثَّانيَ في ((تَقَضَّيْتُ)) و ((أَمْلَيْتُ)) ونحوِ ذلك، وقد خُفِّفَت الهمزةُ الأُولى كما خُفِّفَت الثَّانيةُ في نحو:{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}(٥) ونحو ذلك.
وأمَّا ما ذَكَرُوه من قولهم:((كَأَنِّي)) ، فقد حُذِفَ غيرُ الآخِر من الأمثال إذا اجتمعت / نحو قولِهِم:((إنَّا نَفعلُ)) فالمحذوفُ ينبغي أنْ يكونَ الأوسطَ دون الآخِرِ. ألا ترى أنَّ النُّونَ الثَّانيةَ قد حُذِفَتْ من ((أنَّ)) في نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ}(٦) . والنُّونُ من ((فَعَلْنَا)) لم تُحْذَفْ في موضعٍ، فلذلك جَعَلْنَا المحذوفةَ الوسْطَى (٧) . وعَمِلَتِ المخفَّفَةُ في المضمَرِ على حدِّ ما عَمِلَت في المظهَر (٨) في نحو: إنْ زيداً منطلقٌ ولَمُنْطَلِقٌ، وقد أجازه سيبويه (٩) ، وزعم أنها قراءةٌ. وقد يجيء على قياسِ ما أجازَهُ في الظَّاهر هذا البيتُ الذي أنشَدَهُ البغداديُّون (١٠) :