للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلاَّ أنَّ هذا القياسَ إنْ رُفِضَ كان وجهاً؛ لأنَّ ما يُحذَفُ مع المظهَرِ أو يُبدَلُ إذا وُصِلَ بالمضمَرِ رُدَّ إلى الأصل ألا ترى أنَّهُم يقولونَ: ((مِن لَدُ الصَّلاة (١)) ) ، فإذا وَصَلوا بالمضمَرِ قالوا: ((مِن لَدُنْهُ)) ، و ((مِن لَدُنِّي)) وقالوا: ((واللهِ لأفعلنَّ)) ، فلما وُصِلَ بالمضمَرِ قالوا: ((به لأفعلنَّ)) (٢) .

ويذهب سيبويه إلى أنَّ ((أنَّ)) المفتوحَةَ إذا خُفِّفَت أُضمِرَ معها القِصَّةُ والحديثُ، ولم يَظهَرْ في موضِعٍ (٣) . فلو كان اتِّصالُ الضَّمير بها مخفَّفَةً سائغاً لكان خليقاً أنْ يتَّصِلَ بالمفتوحةِ مخفَّفةً.

وقالوا: ذيَّا وتيَّا في تحقير ((ذا)) و ((تا)) . فاجتمعوا على حذْفِ الأوَّل من الأمثال الثَّلاثة.

فليس في هذا الفصل أيضاً شيءٌ يمنعُ جوازَ قولِ سيبويه.

وما قالوه من الحذف في ((تَكَلَّمُ)) و ((تَذَكَّرُ)) فإنمَّا كان الحذْفُ في الثَّاني دون الأوَّل؛ لأنَّهُ الذي يعتلُّ بالإدغام في نحو: ((تَذَكَّرُ)) ، ولأنَّه لو حُذِفَ حرفُ المضارَعَة لوَجَبَ إدخالُ ألفِ الوصلِ في ضَرْبٍ من المضارع نحو: تَذَّكَّرُ ودُخُولُ ألفِ الوصلِ لا مسَاغَ له هنا، كما لا يدخُلُ على أسماء الفاعلِين والمفعولِين، ولأنَّ حذفَ الجارِّ أقوى من حذْفِ حرفِ المضارَعَة؛ للدَّلالة عليه بالجرِّ الظَّاهرِ في اللَّفظ. فلهذا حُذِفَ الثَّاني في هذا النَّحو دون حرفِ المضارَعَة (لا لأنَّ الحذفَ غيرُ سائغٍ في الأوَّل ممَّا يتكرَّرُ) (٤) ، لأنَّكَ قد رأيتَ مساغ الحذف في الأوَّلِ في هذه المتكرِّرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>