والذي يملك هذه الوسائل الصناعية ويطلع بها على ما خفي على غيره لا تعد الأمور التي اطلع عليها غيبا بالنسبة له لظهوره واطلاعه عليها.
أمثلة الوسائل الحديثة:
أ- الوسائل الصناعية لسماع ما لا يسمع بالأذن وحدها:
السمع أهم وسائل العلم التي خلقها الله في الإنسان، فلذلك نجده متقدما في الذكر على الوسائل الأخرى في كتاب الله تعالى، حيث ورد فيه تقديم السمع على البصر في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى:(إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ((١) وقوله تعالى: (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ((٢) .
ومما يؤكد أفضليته على سائر الحواس، أن من ولد أصم عاش أبكم، ولا يستطيع أن ينطق ويتكلم، ومن ولد أعمى فليس كذلك، فكم من العلماء ولدوا عميانا، ولكن الله تعالى منّ عليهم ببصائر العلم فكانوا مصابيح الدجى بما أوتوا من العلم الذي به يهتدى.
أما وسائل تقوية مداه، فهي الأجهزة المكبرة للأصوات الخافتة كدقات القلب وحركة الأمعاء، أو دقات قلب الجنين وحركاته، أو التي يتنصت بها على الأصوات البعيدة أو يخترق بها الحواجز التي تحول عادة بين الإنسان ووصول ما خلفها أو داخلها من الأصوات إليه، وذلك كالمذياع والتلفاز والهاتف التي يستمع الإنسان بواسطتها إلى الأصوات البعيدة الخارجة عن مدى السمع وكأجهزة التصنت إلى أصوات الأحياء تحت المنازل أو المناجم المتهدمة أو تحت المياه. وقد يعود الظهور على الصوت الخافت بتكبيره بحيث يسمع من بعيد بالأذن المجردة أي أن السامع في هذه الحالة لم يستخدم شيئا من وسائل الاستماع، وإنما الصوت هو الذي قوي حتى أمكن سماعه من مسافة بعيدة، وذلك كالأصوات المسموعة بواسطة مكبرات الصوت.
وكل ذلك راجع إلى استخدام الوسائل الصناعية سواء في ذلك السماع بواسطتها أو الإسماع بها.