كما ثبتت طائفة من المسلمين على الحق المتمثل في القرآن والسنة وفهم السلف معرضة بل ومحتقرة سخافات العقول وترهاتها المتمثلة في كلام فلاسفة اليونان ومن أخذ بقولهم مستغنية في عقيدتها وجميع شؤونها الدينية بما جاء من الحكيم الخبير {ومن أصدق من الله حديثاً} النساء (٨٧) ، وهي في نفس الوقت عالمة ومتيقنة بصحته وسلامته من كل خطأ أو شذوذ أو تناقض أو انحراف في كل معلومة متعلقه بالله (أو غيره مما ورد في الوحي المنزل، بخلاف ما عليه كلام الفلاسفة المتخرصين الذين لا يكادون يصيبون في قضية، ولا يسلم ولا يصح لهم وسيلة ولا هدف ولا نتيجة وإنما هم متخبطون متناقضون متهافتون وهم كما قال الله ( {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} الأنعام (١٤٨) .
المبحث الأول: قول أهل الفلسفة المحضة والباطنيين وبيان بطلانه
المطلب الأول: قولهم في وجود الله (وصفاته.
أولاً: أهل الفلسفة المحضة:
أهل الفلسفة المحضة، ونقصد بهم من لم يكن منتمياً إلى فرق أخرى، مثل الباطنية والصوفية ونحوه، وذلك مثل: الكندي والفارابي وابن سينا (١) ونحوهم هم تلاميذ لأرسطو وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان الوثنيين، وهم وإن لم يجلسوا في حلقاتهم ويستمعوا إلى دروسهم إلا أنهم تتلمذوا على كتبهم التي ترجمت كما قلنا أولاً من قبل النصارى، فتلقفها عنهم هؤلاء وأخلصوا لها والتزموا ما فيها معرضين عن النور الذي أوحي إلى نبيهم وفيه فصل المقال والحكمة الحقة من لدن حكيم خبير.
فأخذ هؤلاء المتفلسفة بالحظ الأدنى والحال الأردى، فقالوا في الله تعالى قولاً عظيماً ونأوا عن الإسلام وأهله نأياً بعيداً.